فيما تتصاعد حدّة المواجهات الحربية الجارية بين إسرائيل و” حزب الله”، تضع الحكومة اللبنانية أمالاً عريضة على أن يشكل التمديد التلقائي للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) ولمدة سنة إضافية، قبل نهاية الشهر الحالي مرتكزاً وحافزاً ومؤشراً أساسياً في المساعي والعوامل الدولية التي من شأنها خفض أخطار الحرب المحدقة بلبنان.
وفي هذا الاطار جدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “التأكيد أن كل الاتصالات واللقاءات الديبلوماسية التي يجريها حالياً تصب في سياق العمل على تأمين التمديد التلقائي للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان” اليونيفيل”، في مجلس الامن الدولي، بالتوازي مع الاتصالات لوقف العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان، والتطبيق الكامل للقرار الدولي الرقم 1701 بكل مندرجاته، لكونه المدخل الطبيعي والأساسي لحل الوضع في جنوب لبنان”.
وقال خلال لقاءاته في السرايا “إن الاتصالات التي نقوم بها بشأن التمديد لليونيفيل أظهرت تفهماً للمطلب اللبناني بوجوب الإبقاء على مهام “اليونيفيل”، كما كانت عليه، وعدم إدخال تعديلات من شأنها تعقيد الأوضاع المتأزمة أصلاً. ونأمل في أن يُصار إلى ترجمة هذا التوجه قبل نهاية الشهر الحالي للحفاظ على دور “اليونيفيل” ومهامها في جنوب لبنان”.
أضاف: “إننا نشدد، في هذه المرحلة الصعبة، على أولوية التضامن الداخلي والتعالي عن الخلافات التي ليس أوانها الآن ولا موجب لإضافة المزيد من التشنجات على الواقع المأزوم أصلاً. كما أناشد السياسيين وأهل الاعلام أيضاً، عدم الانجرار في بث أخبار وتحليلات تزيد الهلع عند اللبنانيين، وتشنّج الأجواء أكثر فأكثر”. وقال “إن الحكومة مستمرة في عملها لتمرير المرحلة الصعبة التي نمر بها، ومن لديه اقتراحات عملية للمعالجة فليتقدم بها، بدل الانتقاد لمجرد الانتقاد أو اللجوء إلى سلاح السلبية والمقاطعة الذي لا يقدم أي حل”.
وكتبت” النهار”: مع أن وتيرة العمليات المتبادلة بين الفريقين على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل أو في أعماق مناطق أخرى، لم تبلغ بعد حدود تشكيل الإنذارات الخطرة بانهيار الخطوط الحمر نهائياً وتفلّت الوضع عن اخر ضوابط “الارتداع” عن اشتعال حرب واسعة، فإن ذلك لم يشكّل باب طمأنة كافياً لأوساط معنية بمراقبة تطورات الوضع الميداني والمنحى الذي تتخذه الجهود والاتصالات الديبلوماسية الحثيثة لمنع انفجار حرب واسعة.
وتكشف هذه الأوساط أن مناخ الجهود الديبلوماسية يسهد تراجعاً خطيراً منذ مطلع الأسبوع الحالي على خلفية التعثر الواسع الذي أصاب المفاوضات المتصلة بحرب غزة، ولم يكن ممكناً تجاهل الأثر السلبي لهذا التعثر على الواقع الميداني للجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، خصوصاً وأن التعثر إستمر على رغم الضغط الأميركي التصاعدي لإحداث ثغرة واستئناف المفاوضات، وكانت تتويجته باتصال وُصف بأنه صعب بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا يبدو، وفق الأوساط نفسها، أنه بدّل أي شيء في الواقع الشديد التأزم ولو أن جولة أخرى محتملة للمفاوضات قد تعقد.
وكشفت هذه الأوساط تبعا لهذا المناخ أن لبنان الرسمي عاد في الأيام الأخيرة إلى تلقي ضغوط وتحذيرات جديدة من دول متعددة لخفض التوتر الميداني والحؤول دون تمكين إسرائيل من توظيف أي تطور ميداني في زيادة وتيرة غاراتها وعمليات الاغتيال الممنهجة التي تنفذها كما لتوسيع رقعة استهدافاتها، علماً أن اللافت في هذه الجولة الجديدة من التحركات الديبلوماسية أنها لم تتناول موضوع ردّ “حزب الله” على إسرائيل لاغتيالها المسؤول العسكري فؤاد شكر، بل حُصرت في المسعى لمنع تفاقم المواجهات الميدانية من دون أي تفسير واضح لتجاهل موضوع الردّ.
وكتبت” الاخبار”: انعكس قرار حزب الله الرافض استقبال أيّ مبعوث يحمل رسالة تهديد أو وعيد أو تحذير جموداً في حركة الاتصالات. وفي ظل تأكيد الحزب على أن الرد على اغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر، في 30 تموز الماضي، «حتمي»، يتعرّض لبنان منذ نحو أسبوع لحملة تهويل ضخمة تقودها جهات غربية، أوروبية تحديداً، علماً أن مصادر دبلوماسية في بيروت ونيويورك أكّدت أن التقييم حتى الآن هو أن «واشنطن غير متحمّسة لخيار حرب كبيرة». لكنّ المصادر استبعدت عودة الهدوء في غزة ولبنان قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.ونقلت شخصيات سياسية لبنانية أن دبلوماسيين بريطانييين وألماناً ناقشوا معها الأوضاع على الجبهة اللبنانية من زاوية مختلفة عن السابق، إذ إن هؤلاء لم يعودوا ينقلون تهديدات إسرائيلية مباشرة. لكنهم يعمدون إلى صياغة التهديد نفسه بطريقة مختلفة، كالقول إن «إسرائيل لا يمكنها تحمّل الوضع الحالي مع لبنان»، وإنها «حاولت التوسط عبر دول عربية وغربية والأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق. ولكن، إزاء رفض حزب الله الأمر، فإنها تجد نفسها معنية بمعالجة المشكلة بنفسها، والذهاب بالتصعيد نحو المواجهة الكبيرة»، محذّرين من أن «لبنان يعرّض نفسه لحرب مدمّرة» ستكون إسرائيل «شديدة القسوة فيها»، في محاولة لثني الحزب عن الرد، أو جعله دون المستوى الذي يزعج العدو الإسرائيلي.
ومع «تسكير» الحزب، لجأت هذه الجهات إلى القوى السياسية المحلية المعادية لحزب الله، والتي تتصرف كشريكة في الحملة الهادفة إلى التأليب على المقاومة، واستغلال تأخر الرد على اغتيال شكر لإشاعة أجواء بأن حزب الله ضعيف وخائف من المواجهة مع إسرائيل، حتى ليبدو وكأن في لبنان من لم يتعلم من درس عام 2006، عندما راهن قسم من اللبنانيين، بقيادة فريق 14 آذار في حينه، على «سحق» إسرائيل للمقاومة.