منذ بداية العام وحتى تاريخ 24 آب 2024 ، بلغ عدد ضحايا حوادث السير في لبنان 233 ضحية، بحسب ارقام “جمعية “يازا”استناداً الى احصاءات غرفة التحكم المروري، حيث حصد شهر آب فقط 32 ضحية في 24 يوماً.
هذا الرقم الكبير للضحايا لا يسجل للمرة الأولى في لبنان، بل لطالما كانت طرقاتنا خاطفة للارواح. وفي حين تعددت الاسباب كانت النتيجة واحدة.
فالى جانب السرعة والتهور في القيادة وسوء حال الطرقات والبنى التحتية، هناك العديد من العوامل الاخرى التي قد تكون سببا لحوادث السير والتي من الممكن تطبيق القانون عليها لتفاديها في المستقبل.
ولعل من ابرز هذه الاسباب اللوحات الاعلانية المنتشرة على كل الطرق والتي قد تكون واحدة من اسباب الإلهاء للسائقين خلال القيادة.
هذا الموضوع حملناه الى رئيس جمعية “اليازا” في لبنان زياد عقل الذي اكد انه بعد تزايد الفوضى وانتشارها بشكل عشوائي على الطرق، باتت نسبة هذه اللوحات تفوق عدد السكان والمركبات وباتت تشكل أزمة خطيرة تهدد السلامة العامة والبيئة في لبنان”.
واعتبر عقل في حديث عبر “لبنان 24” ان “هنالك الكثير من المخالفات للمرسوم رقم 1302 الصادر في 15 كانون الثاني 2015 في تركيب اللوحات الإعلانية على طول الخط الساحلي وعلى طول الأوتوسترادات والجسور وأرصفة المشاة، كما أنه تمت إستباحة الأملاك العامة والخاصة بصورة عشوائية حتى أصبح ممكنا استبدال عبارة “لبنان الأخضر” بـ “لبنان اللوحات الاعلانية”، مشيراً الى ان هذه اللوحات باتت تعتبر أحد أسباب حوادث السير على الطرق ، حيث أن وجود هذا العدد الهائل من اللوحات المختلفة الأحجام والموضوعة بشكل عشوائي في كثير من الحالات، يحجب الرؤية عن السائق، كما يلعب دوراً كبيراً في تشتيت تركيز السائق عن القيادة، الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى حصول حوادث سير مأسوية ووقوع العديد من القتلى والجرحى على الطرق”.
ودعا عقل الى ضرورة تطبيق القوانين، خصوصاً وأن قطاع اللوحات الإعلانية في لبنان لا يزال غارقا في فوضى عارمة، رغم صدور المرسوم رقم 1302 في العام 2015 الذي يهدف إلى مواكبة مقتضيات العصر والحد من “الفلتان” الحاصل، سائلا: ما الجدوى من هذه المادة طالما أنها لا تلحظ أي معايير محددة وواضحة وملزمة، هذا فضلاً عن ان الفقرة الخامسة من المادة 15 تحظر على صاحب اللوحة ترك الحبال والروابط البلاستيكية متدليةً من اللوحات الإعلانية، لكنها كما سابقاتها لا تلحظ أي عقوبات واضحة للمخالف ولا تحدد المسؤوليات.
وطالب عقل بـ”إعادة إصدار مرسوم أو قانون يلحظ في عبارات واضحة جودة اللوحات الإعلانية ونوعيتها وطريقة تركيبها ووجوب صيانتها بالإضافة إلى إيجاد اطار عقابي للمخالفين، أما بالنسبة للوحات الضخمة فيجب أن يتم تركيبها تحت إشراف مهندس متخصص وإشراكه في المسؤولية فلا يجب تحميل صاحب المنشأة وحده المسؤولية الكاملة إذ أن التشارك في تحمل المسؤولية من شأنه تعزيز الالتزام بالقانون وشروط السلامة العامة، مشدداً على انه “لا يجوز أن يخالف مرسوم تنظيم اللوحات الإعلانية قانون السير بأي شكل من الأشكال”.
مرة جديدة يجد المواطن نفسه ضحية عدم تطبيق القوانين والمراسيم في البلاد ويدفع حياته ثمنا للاهمال وجشع بعض المتمولين ورجال الاعمال.
على امل ان تعود دولة القانون وتفرض سلطتها على الجميع سواسية وتضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه التعدي على حقوقها. والى حينها من المؤسف أن طرقاتنا ستبقى “مقبرة للشباب”.