ذكرت صحيفة “The New York Times” الأميركية أن “الحرب الشاملة بين حزب الله وإسرائيل بدت أقرب من أي وقت مضى نهار الأحد. ولكن سرعان ما أنهى الطرفان عمليات القصف المتبادلة، حيث أعلن كل منهما النصر وأشار إلى أن القتال، في الوقت الحالي على الأقل، قد انتهى. ولكن هذه النتيجة الغامضة كشفت عن شيء: فلم يجد حزب الله ولا راعيته الإقليمية إيران طريقة أفضل للرد على الضربات الإسرائيلية المحرجة بطريقة قد تشكل تحذيراً لإسرائيل من شن هجوم آخر، من دون إثارة حرب أكبر. إن رد إيران، إذا حدث، يظل مجهولاً، ولا يزال بوسع طهران أن تختار مسار عمل لم يتوقعه المراقبون الإقليميون. ولكن اختيار حزب الله الالتزام بهجوم محدود هو خيار يعتقد بعض الخبراء الإقليميين الآن أنه خُطط من جانب إيران، في حين تفكر في كيفية تسوية حساباتها مع إسرائيل”.
وبحسب الصحيفة، “بدأت الجولة الأخيرة من سياسة حافة الهاوية في الشرق الأوسط الشهر الماضي، عندما ألقت إسرائيل باللوم على حزب الله في إطلاق صاروخ أصاب ملعب كرة قدم وأدى إلى سقوط ضحايا بينهم أطفال في مرتفعات الجولان المحتلة. لكن حزب الله نفى مسؤوليته عن هذه العملية. ثم شنت إسرائيل تصعيداً انتقامياً سرعان ما وضع المنطقة بأسرها على حافة الهاوية. ففي الثلاثين من تموز، ضربت إسرائيل العاصمة اللبنانية بيروت واغتالت أحد كبار قادة حزب الله، فؤاد شكر. وبعد ساعات، أدى انفجار إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران. وكان اغتيال هنية، الذي تحمّل حماس وإيران إسرائيل مسؤوليته، استفزازاً شديداً لقادة إيران”.
وتابعت الصحيفة، “قال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية: “إذا تمكنت إسرائيل من الإفلات من العقاب بعد اغتيالها حلفاء إيران في قلب طهران، فلن يكون هناك ملاذ آمن للقيادة الإيرانية في أي مكان”. ولكنه قال إن عدم الاستجابة يشكل تهديدا وجوديا بقدر مخاطر الانتقام. على مدى أسابيع، لم يشعر الزعماء والخبراء الإقليميون بقلق كبير من رغبة إيران وحزب الله في الحرب، وإنما من أن خيارهما الأفضل للانتقام الدرامي هو نشر استعراض إقليمي منسق للقوة مع جماعات مسلحة أخرى مدعومة من إيران في اليمن والعراق. كان من الممكن أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى نتيجة أقل قابلية للتنبؤ بها. كان حزب الله ليلعب دوراً حاسماً في أي رد منسق من هذا القبيل”.
وأضافت الصحيفة، “بغض النظر عن كيفية تقييم رد حزب الله في طهران، فقد أشار دبلوماسيون إقليميون إلى العديد من التعليقات الأخيرة التي أدلى بها القادة الإيرانيون والتي تلمح إلى انتقام وشيك، ولكن ربما يكون محدودا. وبعد وقت قصير من ضربات حزب الله، قال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، للطلاب في تجمع أن الرد “لا يعني دائماً حمل السلاح، بل يعني التفكير الصحيح، والتحدث بشكل صحيح، وفهم الأشياء بدقة، وضرب الهدف بدقة”. لكن الخبراء يقولون إن هذه التعليقات الأخيرة تشير إلى أن رد إيران سيكون هجوماً مستهدفاً. إن الحساب الرئيسي لطهران هو الرد بطريقة لا تدفع الولايات المتحدة، التي نشرت سفنها الحربية في كل أنحاء المنطقة، إلى التدخل المباشر”.
وبحسب الصحيفة، “من المرجح أيضاً أن يؤجل القادة الإيرانيون أي رد طالما استمرت المحادثات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، كما قال بعض المسؤولين الأميركيين. وأشار بعض الخبراء الإقليميين أيضاً إلى الجهود الدبلوماسية المكثفة بشأن احتمالات المفاوضات بشأن رفع العقوبات. وقالت مها يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت: “إيران براغماتية للغاية، وبطبيعة الحال كانت تتساءل كيف يمكنها الاستفادة من هذا” الجهد الذي يبذله الدبلوماسيون الغربيون. وفي تصريحات اعتبرت بمثابة تأكيد على الرغبة في تجديد المحادثات مع الغرب، قال خامنئي يوم الثلاثاء إنه “لا يوجد عائق” أمام تجديد المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني”.”
وتابعت الصحيفة، “قال محمد علي شعباني، وهو محلل إيراني ورئيس تحرير موقع أمواج ميديا الإقليمي المستقل: “إن المشكلة التي تواجه خامنئي والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله هي أن الإسرائيليين يدركون الآن أنهم منطقيون. وعندما تتخلى عن كونك غير قابل للتنبؤ، فإن هذا يساهم في هيمنة إسرائيل على التصعيد”. لكن بعض الدبلوماسيين الإقليميين يعترفون بأنه حتى في الوقت الذي يبدو فيه حزب الله وإيران أضعف اليوم، هناك طرق فرضت بها إيران وحلفاؤها بالفعل ثمناً كبيراً على إسرائيل. فقد حذر دبلوماسيون من أن السماح لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بأن تحظى بالأولوية قد يفتح الباب أمام تآكل العلاقات بين إسرائيل وحلفائها الغربيين”.