كتب محمد علوش في” الديار”: مع بدء الحرب في الجنوب في تشرين الاول الماضي، بدأت معاناة الجنوبيين في قطاع الزراعة، إذ لم يتمكنوا من زراعة محاصيلهم من القمح والخضروات، ثم استمرت المعاناة مع عدم قدرتهم على الاعتناء بأشجارهم المثمرة، وهي التي تمد السوق اللبناني بحوالى ثلث حاجته من الفواكه، لا سيما في منطقة الوزاني ومحيطها، ناهيك عن الأضرار التي تسبب بها العدوان الاسرائيلي على الأراضي الزراعية والثروة النباتية والحرجية.
اليوم تبرز الى العلن مشكلة اقتصادية جديدة عنوانها التجارة، بعد مشهد إخراج بضائع من مستودعات بلدة ميس الجبل، هذه البلدة التي تشكل العصب الاقتصادي للمنطقة الحدودية..
لم تتوقف محاولة إخراج البضائع من البلدات الحدودية التي تقع ضمن دائرة الحرب، ولكن هذه المحاولات أصيبت بضربة قوية في أيار الماضي يوم استهدف العدو الاسرائيلي عائلة مكونة من 4 أفراد، حاولت إخراج بضائع لها من سوبرماركت تمتلكها، ولكن قبل تلك الحادثة، أخرج جنوبيون كثر “أعمالهم” من القرى الحدودية الى قرى جنوبية تقع شمال نهر الليطاني كانوا قد نزحوا إليها مطلع الحرب، وأسسوا اعمالا لهم فيها مثل معامل النجارة والخشب والمحال التجارية، وتحديداً في مناطق صور والنبطية، حيث افتتح العديد من النازحين اعمالا لهم في تلك المناطق، حيث يستقرون اليوم، وسيبقون الى حين انتهاء الحرب وانتهاء مرحلة الاعمار وعودة الحياة.
بعد أيار استمرت رغبة التجار بإخراج البضائع الى مناطق آمنة، وهي بضائع تبلغ قيمتها عشرات ملايين الدولارات، فتوجه التجار بحسب مصادر متابعة الى حزب الله الذي تواصل مع الجيش ، فعمل الجيش خلال الفترة الماضية على محاولة تنسيق إخراج البضائع بالتواصل مع اليونيفيل، ونجح مؤخراً بإخراج قافلة من ميس الجبل، تؤكد المصادر أنها لا تحتوي على كل البضائع في البلدة، كما أنها لن تكون القافلة الوحيدة، لا في ميس ولا غيرها، كاشفة عن استمرار عمل الجيش بغية تنظيم المزيد من هذه القوافل.
تشدد المصادر على أنه كلما طالت فترة الحرب كلما اقتنع الجنوبيون من أبناء القرى الحدودية بضرورة العمل على تأمين مقومات الحياة في اماكن نزوحهم لفترة طويلة، خصوصاً أنهم خسروا منازلهم وبالتالي حتى لو توقفت الحرب اليوم فإنهم بحاجة الى حوالي السنتين للعودة بحال بدأت مرحلة إعادة الإعمار فوراً، مشيرة الى ان همّ السكن قد يكون أسهل من الهمّ الاقتصادي، حيث يتوقع النازحون أن لا تعود الحياة الاقتصادية والتجارية الى القرى الحدودية خلال وقت قصير، لذلك أصبح همهم كيفية نقل تجارتهم الى مناطق جديدة آمنة.
وترى المصادر أنه رغم سلبية المشهد، إلا أن المواطن الجنوبي سيبقى متمسكاً بأرضه، لكنه بنفس الوقت يبحث عن كيفية المواءمة بين الواقع والرغبة، فرغبته هي بعودته الى قريته وأرضه وعمله، والواقع يقول أن عليه البحث عن كيفية استمرار عمله وحياته الى حين نضوج زمن العودة، ولكن بالخلاصة فإن المنطقة الحدودية ستمر بفترة صعبة بعد الحرب، سيسعى المسؤولون عن الجنوب وأهله الى جعلها فترة سريعة، تعود بعدها عجلة الحياة الى الدوران.