هل انتهت فعلاً مخاطر الحرب الكبرى؟ هذا هو السؤال الأبرز اليوم في ظلّ تسريبات توحي بأن مخاطر الانزلاق نحو حرب شاملة في لبنان أو حرب إقليمية كبرى تراجعت بشكل كبير خلال الأيام الماضية، وبات الحديث يتركّز حول تسوية سياسية أو وقف لإطلاق النار أكثر واقعية من الفترة السابقة.
تقول مصادر عسكرية مطّلعة بأن الإفراط في التفاؤل بشأن اقتراب موعد التسوية ليس أمراً دقيقاً، إذ نحن نعيش اليوم في إحدى مراحل الحرب ولم نقترب عملياً من نهايتها، حيث أنه منذ اللحظة الأولى للسابع من تشرين الاول كانت أسهم الحرب الكبرى ترتفع وتنخفض ربطاً بالتطورات، وهذا ما يحصل اليوم بعد ردّ “حزب الله” الأخير على إسرائيل.
وتعتقد المصادر أن هذا الرد أعاد نوعاً من التوازن الى الساحة الميدانية، وهذا ما عكس تهدئة نسبية في الميدان أو أقلّه شبه استقرار مع تراجع التصعيد من كلا الطرفين، لكنّ الأكيد أنّ الاميركيين لم يتدخّلوا جدياً لوقف الحرب أو يضغطوا بشكل كافي من أجل إنهائها. كذلك فإنّ التحركات الشعبية الاسرائيلية قد فشلت في الضغط على رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو الذي يبدو أنه استطاع التغلّب عليها.
كل ذلك يؤشّر الى أن مرحلة التسوية لم تَحِن بعد، بل لا تزال بعيدة المدى أقلّه من المنظور الحالي، وعليه فإنّ انتظار التسوية يدفع لبنان والمنطقة ككُل الى ترقّب الانتخابات الرئاسية الاميركية التي ستحدد مسار التطورات في فلسطين والمنطقة، وهي التي ستوضّح المشهد المتأرجح ما بين تسوية أو حرب كبرى.
من هُنا، فإنّ كلّ ما يحصل اليوم ليس إلّا محاولات من هذا الطرف أو ذاك لتحسين شروطه، لكن عدم تمكّن الاميركيين من إيقاف الحرب، أو بمعنى أوضح عدم رغبتهم الفعلية بذلك، سيؤدي حتماً الى استمرار مخاطر تدحرج المعركة نحو حرب شاملة أو حرب اقليمية من الان وحتى حصول الانتخابات الاميركية ، وكل ما هو قبل هذا التاريخ لن يكون حاسماً بالنسبة للحرب الا في حال حصول مفاجآت.