من دون أي رقيب أو حسيب، يكتسح فجأة شباب مجهولون منصات التواصل الاجتماعي، يعرضون خدمات استثمارية مشبوهة في البورصة، دون الكشف عن هوياتهم أو تاريخهم.. يثير هذا الأسلوب الغموض والشك حول أهدافهم الحقيقية، فببساطة، يُطلب من المتابعين تسليم أموالهم وانتظار 15 يومًا للحصول على الأرباح الموعودة، ثم انتظار نفس الفترة للحصول على أرباح مضاعفة. إلا أن الكارثة تتكشف لاحقًا، حين تختفي أموالك بحجة “اضطرابات في البورصة”، أو يختفي الشخص الذي سلّمته أموالك، وقد يتبين لاحقًا أنه هرب إلى تركيا أو دولة أخرى قريبة.
هذا ما حصل مع عدد كبير من الأشخاص الذين يعيشون لحظات عصيبة بانتظار الحصول على رأس المال الذي وضعوه مع أحد “المتداولين” الذي ظهر فجأة على “تيك توك” منذ فترة وادّعى أنّه يتعامل مع شركات مالية كبرى، وأنّه مرخّص له من قبل هذه الشركات.
“لبنان24″، تواصل مع أحد الاشخاص الذي أودع مبلغ 500 دولار معه، وقال إنّه خلال الفترة الأولى كان الجميع يحصل على أرباح معينة تتراوح بين 7.5% وصولا إلى 15%، إلا أنّه فجأة انقطع التواصل مع المتداول واختفى لفترة شهر تقريبًا عن الأنظار إلى أن عاد بعد شكوك حول محاولته الهرب من لبنان عقب خسارته مبالغ كبيرة جدًا خلال الأسابيع الماضية، حيث شهدت البورصة هبوطًا حادًا، أدّى إلى تبخر الأموال.
ما حصل مع هذا الشاب حصل سابقا مع عدد من الأشخاص الذين وقعوا في فخ عصابات عملت سابقا على تحويل مبالغ مالية قياسية إلى دول قريبة، واختفت عن الساحة، من دون اي حساب.
يأتي ذلك وسط تحذير متواصل من قبل القوى الأمنية، عبر أكثر من بيان من خطورة هذه الخطوة التي تقودها في غالب الأحيان عصابات كبيرة منظّمة، علمًا أنّ هناك العديد من الأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم نسبةً إلى صيتهم المهني.
في السياق يؤكّد مصدر أمني لـ”لبنان24″ أن هؤلاء المتداولين يغرون متابعيهم بتسليمهم مبالغ مالية مقابل نسبة من الأرباح، مستغلين يأس الناس في البحث عن مصادر دخل إضافية في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، إلا أن ما يظهر في البداية كفرصة ذهبية، تحول في كثير من الحالات إلى كابوس مالي، حيث كشفت شكاوى من قبل أشخاص تم الاحتيال عليهم أن نسبة كبيرة من الذين وضعوا أموالهم بعهدة هؤلاء تعرضوا لخسائر فادحة، وذلك لسبب أن معظم هؤلاء “المتداولين” لا يمتلكون الخبرة الكافية أو يستخدمون استراتيجيات خطرة وغير مدروسة.
ووفقا للمصدر الأمني فإن ما يزيد عن 50 شركة تم إغلاقها مؤخرا من قبل القوى الأمنية وتفاوتت بين مكاتب بورصة غير شرعية أو مكاتب مراهنات لا تخضع لأدنى المعايير القانونية.
بالتوازي، يؤكّد المصدر أن الشركات غير الشرعية باتت تعتمدُ اليوم على وجوه مؤثّرة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي العديد من الحالات كان هؤلاء الأشخاص “يغرون” أصحاب المال ليأخذوا أموالهم ويفرون بعدها إلى خارج لبنان مع رزمة كبيرة من الأموال، علمًا أن خروجهم من الأراضي اللبنانية كان يتم بشكل شرعي.
من هنا، لا يمكن إنكار أن عملية التداول والاستثمار أصبحت أكثر خطورة من أي وقت مضى، رغم سهولتها المتزايدة، فحيتان المال القادرون على هزّ البورصة في أي لحظة لن يترددوا في تحطيم آمال الشباب الذين يقعون ضحايا لشبكات وعصابات منظمة، هدفها الوحيد هو جمع الأموال عبر الاحتيال.