نشر موقع “الخنادق” المعنيّ بالدراسات الاستراتيجية تقريراً تحدث فيه عن “ماهية الهجمات المركبة” خصوصاً تلك التي تتعرّض لها إسرائيل عبر سلسلةٍ من الأدوات العسكرية.
وتحدث التقرير عن القنبلة النووية وقال إنها “تُحدث دماراً شاملاً”، لكنه أشار إلى أن هناك مساعٍ ومحاولات لاستبدال التدمير الشامل بعمليات قصفٍ مُركّز ودقيق تستهدف المنشآت الحساسة والأساسية لأيّ بلد وتُخرجها عن الخدمة.
وذكر الموقع أنّ الأميركيين استعملوا هذه الإستراتيجية أثناء غزو العراق، إذ ضربت الصواريخ الأميركية الدقيقة والثقيلة حوالى 8 آلاف هدف عسكري ومنشأة استراتيجية وأخرجتها عن الخدمة، وهذا ما يُسميه الأميركي “الضربة الإستراتيجية التقليدية”.
وتطرّق تقرير الموقع أيضاً إلى تعريف الضربة الإستراتيجية التقليدية، فقال إنه “يمكن تعريف عملياتها بأنها تلك الموجهة نحو المصادر الرئيسية للقوة العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية للعدو، وتركز بشكل أساسي على تحقيق هدف تعطيل مراكز ثقل العدو”.
وأضاف: “يتم تعريف مركز الثقل هنا على أنه تلك الأصول العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية التي يتم حرمان العدو منها، مما يؤدي إلى فقدان قدرته أو إرادته على تقديم المزيد من الدعم للقوات الصديقة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية”.
وتابع: “تشمل الأهداف الإستراتيجية كل ما يتعلق بإدارة القوات العسكرية، وإمدادها، وحمايتها، ومراكز التجمع، ومخازن الأسلحة الأساسية والثانوية، مقرات القيادة والأركان، والقواعد العسكرية، المطارات العسكرية والمدنية، والمنشآت ذات الاستخدام المزدوج، محطات توليد الطاقة والتوزيع، المخازن الإستراتيجية للنفط وغيره، عقد المواصلات الأساسية والهامة، الموانئ البحرية، منصات استخراج النفط والغاز، الإدارات الرسمية الأساسية بما يشمله من وزارات والخاصة بإدارة شؤون البلاد.
خطة بديلة عن التفوق التقليدي والنووي
وكان لا بد لقوى محور المقاومة من تطوير خطة تواجه الخطر النووي الإسرائيلي فكان مشروع الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى والبعيدة المدى كخطوة أولى، وبعده جاء تحويل هذه الصواريخ الى صواريخ دقيقة ونقطوية ثم نشرها في توزع جغرافي محيط بفلسطين المحتلة وتشكيلها كجدار صاروخي يستطيع القيام بضربات استراتيجية تقليدية تستهدف كل الأصول والمنشآت الإستراتيجية والعسكرية وتحييدها.
الأهداف والأصول الإستراتيجية في إسرائيل
المنشآت العسكرية: داخل فلسطين المحتلة هناك ما يقارب الـ150 منشأة وقاعدة عسكرية وهي عبارة عن قواعد سلاح الجو وقواعد الرادارات والإنذار المبكر، والدفاع الجوي، وقواعد عسكرية هامة ومخازن للأسلحة الإستراتيجية والقواعد البحرية والمنشآت النووية والكيميائية، وكل منشأة من هذه المنشآت بحاجة الى مئة صاروخ ثقيل ودقيق لتدميرها.
المنشآت المدنية: تمتلك إسرائيل قائمة طويلة من المنشآت المدنية الإستراتيجية تتوزع بين منشآت صناعية هامة، ومنشآت نفطية، ومنشآت تخزين، ومنصات استخراج النفط والغاز، وموانئ بحرية، ومنشآت كيميائية، ومحطات توليد وتوزيع الطاقة، وشبكة سكك حديدية ومواصلات، ومطارات مدنية، وقد يصل تعدادها الى أكثر من ألف منشأة صناعية وزراعية وتجارية.
الهجوم المركب
يشمل هذا الهجوم شن ضربة عسكرية عبر مسيّرات – صواريخ دقيقة – صواريخ انزلاقية – صواريخ التشتيت.
مع تجربة الهجوم الإيراني الذي يعتبر جزءً بسيطاً من استراتيجية الهجوم الشامل، يضاف إليها ما جرى من إطلاق صواريخ، ومسيّرات من اليمن والعراق، أصبح واضحاً لدى قوى محور المقاومة نقاط القوة الضعف وأساليب العمل عند إسرائيل، وفق التقرير.
وكل جزء من هذا الهجوم المركب يكمل الباقي، فصواريخ التشتيت والتحييد عملها استنزاف المخزون الأول لمنظومات الدفاع، واستنزاف طائرات سلاح الجو الاعتراضية ثم المسيرات لضرب رادارات المنظومة الدفاعية واعمائها ثم الصواريخ الدقيقة والانزلاقية لتدمير الأهداف المطلوبة.
ويشكل الهجوم المركب بهذه القدرة التدميرية الهائلة خطراً كبيراً على الكيان فهو قد يوازي بعض الأسلحة النووية، وثانياً يحمل في طياته القدرة على شن هجوم بري ضخم نتيجة تحييد القدرات الأساسية التي يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي في المواجهة البرية، فالهجوم المركب سينتج عنه تحييد سلاح الجو بشكل أساسي مع ما يتبعه من منظومات إدارة وسيطرة، ومنظومات دفاع جوي مما يفتح المجال لقوى محور المقاومة التي ستناور برياً بأن يكون لديها قدرة أكبر على الحركة، وسرعة في الهجوم، وحتى فتح المجال للقيام بضربات جوية في عمق إسرائيل.
وعملياً، فإن هذا النوع من الهجوم هو الذي شنه “حزب الله” ضد إسرائيل يوم 25 آب الماضي، إذ أطلق أكثر من 300 صاروخ “كاتيوشا” لضرب منشآت عسكرية إسرائيلية عند الحدود، وذلك بهدف إستنزاف القبة الحديدية الإسرائيلية وفتح المجال أمام الطائرات المُسيرة التي تم إطلاقها من لبنان لاختراق الأجواء فوق المستوطنات الإسرائيلية والوصول إلى الأهداف المحددة.
(الخنادق)