قال مصدر سياسي لبناني بارز لـ “الأنباء الكويتية” “إننا نقف أمام مراوحة قد تطول في غياب المساعي الجدية للوصول إلى تسوية مقبولة”، وأضاف: “عدا المسعى السعودي – الفرنسي الذي يمهد لتحرك اللجنة الخماسية التي قوبلت بمرونة من الأطراف السياسية اللبنانية، فإن الأمور ليست كافية ولن تؤدي إلى انضاج طبخة تنتج رئيسا جديدا للجمهورية قبل الذكرى الثانية للشغور الرئاسي (31 تشرين الاول 2022)”.
وأضاف المصدر أنه “مع ربط أزمة الحدود اللبنانية بمسار الحرب في غزة، والتي يجمع الوسطاء على أنها غارقة في دوامة الشروط والشروط المضادة، ما يؤدي إلى الانتظار شهرين على الأقل، يبقى الجمود سيد الموقف”.
وتحدث عن “مسعى إقليمي ودولي يهدف إلى محاولة فك ارتباط بين غزة ولبنان، من خلال الخفض التدريجي للمواجهات على الحدود، غير ان هذه المحاولات تصطدم بالتصعيد الإسرائيلي المشهود”.
وأكد مصدر مطلع لـ “الأنباء” أن “أي مسعى باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية الذي يشكل المدخل لأي حل، يبقى مستبعدا في ظل الانقسام العمودي والأفقي، وفرص استفراد أي فريق بالرئاسة مستحيلة، لأنه من دون تسوية لا يستطيع أي رئيس ممارسة صلاحياته أو تشكيل حكومة”.
وأضاف المصدر: “من هنا لا بد من الجلوس إلى الطاولة والتوصل إلى تسوية من خلال الحوار، ذلك انه على مدى العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، فشل اللبنانيون في التوصل إلى أي حل دون الحوار، وكل الحلول كانت مؤقتة”. ولا يخفي المصدر ان التسوية التي تم التوصل اليها في الطائف عام 1989، والتي أصبحت دستورا للبنان لم تعط حلولا دائمة لعدم تنفيذ أبرز بنودها.
وقال ان قانون الانتخاب الذي لم يستقر على نظام محدد منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، “هو سبب الأزمة التي يتخبط فيها لبنان، اذ كانت القوانين تتغير قبل كل موعد للاقتراع وتأتي كنتيجة لمحاصصة بين القوى السياسية الفاعلة، وبالتالي كان يتم تغيير القانون وفقا لتغير موازين القوى، إلى ان وضع القانون الحالي عام 2018.
وأظهرت التجارب انه لم يكن أقل سوءا من القوانين التي وضعت منذ العام 1992وحتى اليوم، لأن المواد التي تمنع المحاصصة وتنتج تمثيلا صحيحا لم تنفذ وبقيت مؤجلة”. ورأى “ان هذا الأمر حال دون إنتاج أكثرية صريحة أو معارضة فعالة، بل أنتج تشرذما في الخريطة السياسية، وأدى إلى تشكيل حكومات على صورة مجلس نيابي مصغر، وغابت معها تاليا المساءلة والمحاسبة”.
وختم المصدر بالقول: “يبقى المدخل لأي حل واستقرار سياسي في البلد وعمل مؤسسات الدولة، من خلال وضع قانون انتخاب عصري بعيدا من المحاصصة والتوازنات الطائفية”.
وكتب كمال ذبيان في” الديار”: لم يخرج اللقاء بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف – لودريان والوزير المفوض في السعودية نزار العلولا الذي يمسك بالملف اللبناني منذ سنوات بالدخان الابيض، اذ بقي نقاشهما يدور حول حث اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية وفك ارتباطه بأزمات اخرى، سواء الحرب الاسرائيلية التدميرية على غزة او المواجهات العسكرية في الجنوب التي يساند فيها “حزب الله” غزة، ولا يوقفها الا مع وقف الحرب على غزة، وسبق له واعلن فك الارتباط يبن انتخابات الرئاسة والحرب الدائرة، وهذه خطوة ايجابية يمكن البناء عليها.
فمن خلال النقاش، تبين للوزيرين الفرنسي والسعودي أنه من الضروري الضغط على الكتل النيابية لايجاد قواسم مشتركة، وهذا لن يحصل الا بالحوار الذي لم يمانع لودريان والعلولا حصوله، في تأييد لمبادرة بري، وفق ما كشفت المعلومات التي اشارت الى ان الرجلين نظرا الى ما تشهده المنطقة من تسارع للاحداث ما بعد عملية “طوفان الاقصى” التي نفذتها حركة “حماس”، فاشتعلت الحرب في غزة، وامتدت الى لبنان وساحات مساندة اخرى من اليمن الى العراق وسوريا وحتى ايران، اضافة الى نقل العدو الاسرائيلي الحرب الى الضفة الغربية، اذ ظهر لهما ان المشهد الاقليمي معقد، وايضا الدولي بدءا من الحرب الروسية – الاوكرانية والتي تنخرط فيها اوروبا الى جانب اوكرانيا، وهذا ما ينذر بحدوث حرب عالمية ثالثة.
من هنا فان لقاء العلا السعودي الفرنسي لم يقدم حلا لانتخاب رئيس للجمهورية، بل مراوحة فيه، وهو لم يتطرق الى اسماء مرشحين، وسعيا الى تقريب وجهات النظر بين الدول اعضاء “اللجنة الخماسية” التي لكل دولة رؤيتها للوضع في لبنان، وهم ليسوا على توافق الا على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية الذي له مواصفاته عند هذه الدول وبعضها سرّب عن اسم المرشح الذي يرتاح له، وتم التداول في بعض الاسماء في الاعلام.