ماذا يجري بين السنوار وحزب الله؟ حماس تترقب!

8 سبتمبر 2024
ماذا يجري بين السنوار وحزب الله؟ حماس تترقب!

قد تكونُ حركة “حماس” من أكثر اللاعبين الفلسطينيين خطراً على إسرائيل، فوجودها في أوساط النسيج الفلسطينيّ وتحرّكاتها بات يفرضُ الكثير من المسؤوليات عليها باعتبارها العنصر الذي يُقرر حسم حرب غزّة من عدمها عبر المفاوضات التي دخلت مرحلة قاتمة ومجهولة.

 

يُمثل لبنان قاعدة فعليّة لـ”حماس” سياسياً وعسكرياً بعد غزة. صحيحٌ أن مفاوضيها يظهرون في دول أخرى، لكن لبنان يمثل عنوانهم الأوّل على الصعيد التفاوضي والسياسي وأيضاً العسكريّ. السبب الأساس هنا هو أنّ الحركة ترى أنّ أقوى حلفائها يتمركز في لبنان، وهو “حزب الله”، لكن يحيى السنوار، زعيم الحركة، لا يرى أنّ قاعدته بيروت، بل مصرِ التي تمثل معبره الأول خارج غزة ومن ثمّ إيران التي يرى فيها معقله الآمن، إن بقيَ حياً بعد الحرب الطويلة.

 

لماذا كلّ ذلك؟ هل هناك إنقسامٌ في أوساط “حماس” حول النفوذ المرتبط بلبنان؟ منذ تنفيذ “حزب الله” ردّه ضد إسرائيل يوم 25 آب الماضي، باتت الحسابات مُختلفة، فنفوذ الحركة بات تحت الرصد أكثر من قبل الحزب، علماً أن التنسيق ما زال ضمن المستويات السياسية والعسكرية. هذا الأمر تفرضهُ المعركة الحالية، و”حزب الله” يسعى لأن يُعطي نفسه هامشاً جديداً لإعادة السيطرة على ميدان الجنوب وسط إمكانية تبلور تسوية بين الأميركيين والإيرانيين.

 

يُعول “حزب الله”، اليوم أكثر من الغد، على ما قد تنتجهُ كل المباحثات التي تجري على صعيد جبهة غزة وجنوب لبنان، وذلك رغم التهديدات الإسرائيلية التي توجهها تل أبيب بشن عمليّة برية، وآخرها كان أول من أمس على لسان رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ هرتسي هاليفي.

 

ضُمنياً، يرى الحزب أنه بحاجة إلى إعطاء المفاوضات حيزاً من الوقت، لكنه في الوقت نفسه ما زال متمسكاً بقاعدة واحدة: “إن وسعت إسرائيل حربها ضد لبنان سنوسع الجبهة”.

 

في الواقع، يرى “حزب الله” نفسهُ مرتاحاً في إدارة الجانب الميداني، لكنه في الوقت نفسهِ لا يريد دخول اللاعبين الآخرين أكثر على الخط كي لا “يشوشوا” على عملياته أو كي لا يبادروا باتجاه افتعال عمليةٍ قد تدفع إسرائيل لردّ كبير أقسى وأعمق من الرّد الذي نفذته عقب هجوم الحزب في أواخر آب. هنا، المقصود بهؤلاء اللاعبين هم “حماس” و”الجماعة الإسلامية” وغيرهما من التنظيمات، حتى أنّ نشاط “سرايا المقاومة” يُعتبر مضبوطاً وتحت سيطرة الحزب.

تقول مصادر معنية بالشأن العسكريّ إن كل هذه الأمور تفهمها “حماس” في لبنان، لكنّ السنوار قد لا يرى هذا الأمر مُناسباً له، فالضغط من جانب لبنان يجب أن يكون أكبر وأكثر بالنسبة له، وهذه الخلاصة تبرز من خلال تحليل ما يُنقل عنه وعن الشروط التي يفرضها وعن الأفكار والطروحات التي يقدّمها من غزة، حيث يتواجد.

 

لهذا السبب، فإن “حماس” في لبنان تقعُ بين “شاقوفين”، الأول وهو علاقتها بـ”حزب الله” ومسعاها لإثبات وجودها معه عسكرياً من دون الإضرار بمصالحه، والثاني يتصل بإبقاء ارتباطها مع السنوار والالتزام بأي توجيهات قد تأتيها منه عبر قادة آخرين يتواصلون معه.

 

أمام كل ذلك، يُمكن القول إن “حماس” باتت أمام أزمة مُستجدة داخل لبنان، خصوصاً أن رئيس مكتبها السياسيّ الجديد، أي السنوار، كان يريدُ فتح معركة أكبر من جنوب لبنان ليزيد من شروطه داخل غزة، إلا أن “حزب الله”، الذي يقبع جناح “حماس” في لبنان تحت غطائه، لم يعطهِ ذلك وخصوصاً خلال ردّه يوم 25 آب الماضي.. فمن ستُرضي “حماس” في لبنان إذاً؟ السنوار أم “حزب الله”؟

 

مصادر مطلعة على أجواء “حماس” أكّدت لـ”لبنان24″ إن الأخيرة ملتزمة تماماً بسقفها الممنوح لها في لبنان، وفي الوقت نفسه هي على ارتباط كامل بما يقوله السنوار وما تضعه القيادة السياسية للحركة على صعيد أي ملف.

 

بدوره، يقول الخبير العسكريّ والإستراتيجي هشام جابر لـ”لبنان24″ إنَّ “حزب الله” هو الذي “يُدوزن” عمل “حماس” في لبنان، مشيراً إلى أنّ الحركة في لبنان هي التي تُبلغ السنوار بالواقع وتشرحُ له مضامين الميدان هنا، وتابع: “مسؤولو حماس في لبنان هم الذين يعرفون الأوضاع أكثر من السنوار، فالأخير بعيد وفي غزة وبالتالي فإن المذكورين هم الذين يعون تفاصيل الأمور أكثر”.

 

ووجد جابر أن دور حركة “حماس” في لبنان كمرجعية للواقع هنا بالنسبة للسنوار، يمنع حدوث أي انقسامٍ على صعيدها، مشيراً إلى أن مصلحة “حماس” هي في البقاء ضمن كنفِ “حزب الله”، وإن حاولت الحركة الخروج من هذا الغطاء، عندها فإن للحزب أدواته وأساليبه التي تجعل الأمور مضبوطة.

 

إذاً، تتفهّم “حماس” في لبنان خصوصية “حزب الله” وأهميته بالنسبة لإيران، كما أنها تعلم تماماً خطورة المجازفة بأي حرب شاملة، لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاك الحزب وبالتالي خسارة طهران ورقة إستراتيجية كبرى في المنطقة.

 

على هذا الأساس، تسير الحركة في لبنان، في حين أن السنوار يسعى لزيادة الضغط أكثر واستثمار أي تطور على جبهة لبنان لصالحه.. لكن السؤال الأكبر: إلى أي مدى سيبقى “حزب الله” ملتزماً مع السنوار وشروطه وسط ضغط البيئة الحاضنة عليه بسبب الحرب التي طال أمدها؟ الإجابة المحورية ستظهر لاحقاً وخلال المرحلة المقبلة..