لم يكن عابراً التوتر الذي شهده مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، أمس الأربعاء، وذلك على خلفية اعتراض عناصر من جماعة “جند الشام” على قيام حركة “فتح” بتركيب كاميرات مراقبة في محيط مدرسة صفد.
الإشكال الذي حصل بين الطرفين تخلله إشهار أسلحة من دون حصول إطلاق نار، لكن المسألة لا يمكن حصرها بهذا الأمر، فأبعاد ما حصل خطيرة جداً وتؤشر إلى محاولة “جند الشام” فرض سطوة جديدة على المخيم، وبالتالي تشكيل إنقلاب جديد ضدّ “فتح” على غرار ما حصل في تموز وآب وأيلول من العام 2023.
فعلياً، فإن جماعة “جند الشام” ما زالت تفرض سيطرة على جزء كبير من تجمع المدارس داخل المخيم، في حين أن الاقتراب من تلك الأماكن يعتبر خطيراً خصوصاً أن عناصر الجماعة المذكورة مدججين بالسلاح، وبالتالي فإنه من المتوقع حصول اغتيال أو قتلٍ لأشخاص آخرين في أيّ وقت.
معلومات “لبنان24” تكشف أن مسلحي “جند الشام” و”الشباب المسلم” أقاموا تحصينات جديدة داخل المدارس ما أدى إلى تحولها لثكنة عسكرية، علماً أنه كان المفترض أن يجري إخلاؤها لتسليمها إلى القوة الأمنية المشتركة منذ نحو عام، لكن ذلك لم يحصل، وبالتالي بقي المسلحون في أماكنهم.
من يدخلُ إلى عين الحلوة سيلاحظ “فرز الأحياء” عن بعضها البعض، فمن هم مع “فتح” لا يقتربون إلى الأماكن التي تتواجد فيها عناصر “جند الشام” و “الشباب المسلم”، وذلك خشية من أي غدرٍ أو استهداف مباغت.
صحيحٌ أن الإشتباكات هدأت قبل نحو عام بين “فتح” وجماعتي “جند الشام” و”الشباب المسلم”، إلا أن النار ما زالت “تحت الرماد”، ومن الممكن أن يندلع توتر جديد يؤدي إلى سيناريوهات مشابهة لتلك التي شهدها عين الحلوة العام الماضي.
تسليحٌ مستمر
تقولُ معلومات “لبنان24” أنّ الجماعات المتطرفة داخل مخيم عين الحلوة لم توقف بتاتاً عمليات التسليح، فمنذ المعركة الماضية وتأمين الذخائر مستمر كما أن جماعتي “جند الشام” و”الشباب المسلم” أعادتا تكوين قاعدة الأسلحة لديهما، وبالتالي فإن مسألة تجدد التوتر المسلح واردة في أي وقت، لكن ما يوقفها أو يفرملها حالياً هو حرب غزة.
على صعيد آخر، تقول معلومات “لبنان24” أن حركة “فتح” عملت على تعزيز مخازنها أيضاً، فالأمرُ هذا بديهي بالنسبة لها باعتبار أنّ أمن المخيم يقع على عاتق الحركة، وهو أمرٌ لا يمكن التهاون به كون “فتح” تمثل السلطة الفعلية في عين الحلوة، وبالتالي فإن أي انقلاب عليها يعني انقلابا على الشرعية داخل المخيمات.
الأساس الآن هو أي تحرّك لمسلحي “جند الشام” و “الشباب المسلم” سيكون أخطر من السابق نظراً لتوزع هؤلاء ضمن أحياء عديدة وأساسية في المخيم، بينما الهدف من ذلك هو عزل تلك الأحياء عن الأخرى المتبقية خلال أي معركة.
لهذا السبب، فإنّ أي معركة في عين الحلوة لن تكون عادية هذه المرة، لكن القرار بخوض أي “حرب” ليس وارداً الآن بالنسبة لحركة “فتح” التي تقول مصادرها لـ”لبنان24″ إنها “ملتزمة بالحفاظ على أمن المخيم، ولن تبادر إلى أي خطوة تساهم في أي توتر”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الحركة لن تسكت على اعتداء يطالها مهما كانت أسبابه”.
أين “حماس”؟
في المقابل، فإن ما سيختلف في هذه المعركة هو أن حركة “حماس” ستكون بعيدة نوعاً ما عن جماعتي “الشباب المسلم” و “جند الشام”، وذلك بعكس ما حصل خلال الإشتباكات الماضية، إذ كانت الحركة هي الجهة الأساس للتفاوض معهما، فيما حُكيَ داخل عين الحلوة عن أن “حماس” قدّمت مساعدة للجماعتين المذكورتين إبان المعارك الماضية.
وحتى الآن، فإنّ إشكالية “حماس” مع “الشباب المسلم” و “جند الشام” لم تُحل بعد آخر اشكال حصل قبل أشهر قليلة وتحديداً حينما بادر أحد مسلحي “الشباب المسلم” ويُدعى محمد حمد إلى تمزيق صورة الناطق العسكري باسم “حماس” أبو عبيدة. كل ذلك، يستدعي حصول تحالفٍ إستثنائي بين الحركة و”فتح” للجم أي مخطط توسعي للجماعات الأخرى خصوصاً أن ذلك سيؤثر على أمن المخيم.
لهذا السبب، تعوّل مصادر فلسطينية على أهمية “التقاء” حماس وفتح في مواجهة أي فتنة تسعى “جند الشام” لإشعالها باعتبار أن معركة قد تحصل ستكون كبيرة وخطيرة، ليس فقط على مخيم عين الحلوة فحسب، بل على مدينة صيدا ككل وعلى طريق الجنوب بشكل أساسي في ظل الحرب المندلعة بين “حزب الله” وإسرائيل.