هذا هو سرّ رسالة السنوار إلى نصرالله

14 سبتمبر 2024
هذا هو سرّ رسالة السنوار إلى نصرالله


الرسالة التي نشرها “حزب الله”، يوم أمس، وفيها خطابٌ مُوجه من زعيم حركة “حماس” يحيى السنوار إلى أمين عام الحزب السيّد حسن نصرالله، غير عاديّة بتاتاً.

صحيحٌ أن الرسالة حملت مضامين شكر إلى نصرالله لتقديمه التعازي باستشهاد رئيس المكتب السياسي للحركة الراحل اسماعيل هنية في طهران، لكنّ أبعادها تعتبرُ أعمق بكثير وذلك من خلال بعض العبارات المُستخدمة.

فما هو السّر وراء رسالة السنوار إلى نصرالله وخصوصاً في هذا التوقيت؟ وما هي الرسائل التي تأتي من خلف سطورها؟
إن تمّ التدقيق قليلاً برسالة السنوار، ستتم ملاحظة جُملة رئيسية لا يُمكن التغاضي عنها وهي: “نشكرُ تضامنكم الذي عبّرت عنه أفعالكم المباركة في جبهات محور المقاومة، إسناداً ودعماً وانخراطاً في هذه المعركة”.

المعنى الذي حملتهُ هذه الجملة له أبعاد عديدة، فهي المرة الأولى التي يُخاطب فيها السنوار نصرالله علناً ويُحيّي ما يقوم به “حزب الله”، وذلك بخلاف الكلام الذي كان يظهر خلال الفترات الماضية، وفيه أن السنوار لم يكن مؤيداً للمستوى القتالي الذي يؤديه الحزبُ على جبهة جنوب لبنان، إذ كان يأملُ تصعيداً أكبر وتوسعة للجبهة بشكلٍ مغاير تماماً للمراحل السابقة.

انطلاقاً من ذلك، فإن الظاهر هو أنّ السنوار يثبّت دور “حزب الله” في معركة الإسناد من جنوب لبنان، لكنه في الوقت نفسه لم يذكر أيّ عبارات عن “أهمية هذه الجبهة” أو “مدى تأثيرها” ومدى الدعم الذي قدّمته لغزة. قد يكونُ مقصوداً تحاشي السنوار هذا الأمر في الوقت الرّاهن خصوصاً أن هناك مآخذ كثيرة من “حماس” على ما يفعله “حزب الله”، وتحديداً في مفاصل وأيام عديدة كانت تنتظرُ فيها الحركة الفلسطينية هجمات أكثر ضراوة من الحزب ضدّ إسرائيل وتحديداً خلال الرّد الذي نفذه يوم 25 آب انتقاماً لاغتيال أحد كبار قادته وهو الشهيد فؤاد شُكر.

ماذا عن توقيت الرسالة؟

تصفُ مصادر مطلعة على أجواء “حزب الله” توقيت هذه الرسالة بـ”البارز” والمهم، فهو يأتي بعد مضي نحو شهر ونصف الشهر على اغتيال هنية.. فلماذا وردت الآن؟

بحسب المصادر، فإنَّ قنوات التواصل بين السنوار والقادة المرتبطين به صعبة جداً داخل غزة نظراً لاشتداد الخطر الأمني عليه من قبل إسرائيل باعتبار أن الأخيرة تلاحقه. لهذا السبب، يمكن أن يكون تأخير وصول الرسالة إلى نصرالله مرتبطاً بهذا الأمر.

أيضاً، تلفت المصادر عينها إلى أنّ مضمون رسالة الشكر هذه بمثابة تجديد تمسّك “حماس” بدور “حزب الله” حتى وإن كانت هناك اختلافات في وجهات النظر حول طبيعة جبهة الإسناد وقوتها، وتضيف: “الأهم هو أن توقيت رسالة السنوار يأتي في ظلّ التهديد الإسرائيلي المتزايد بشن حرب ضد لبنان، والمسألة هذه ستنعكسُ على حماس مباشرة، فأي معركة من هذا القبيل ستعني توسّع الجبهة من جبهة جنوب لبنان وهذا ما يريده السنوار الآن قبل الغد”.

الأمر الأبرز هو أن إيفاد السنوار رسائل إلى قادة لبنانيين مثل نصرالله وقبله الرئيس السابق للحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط ورئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، يمثل إشارة واضحة إلى أن القيادي الفلسطيني يسعى في هذا التوقيت لشكر دعم لبنان له وفتح خطوط مع قياداته المختلفة. مع هذا، ترى مصادر معنية بالشأن العسكري أيضاً أنّ في كلام السنوار الأمر إشارة “مبطّنة” مفادُها أن لبنان أدّى قسطه للعُلى على صعيد جبهة الإسناد، وكأنه بات من الممكن تغيير التكتيكات نوعاً ما على صعيد هذا الأمر، لكن هذا الأمر لم يجرِ قوله مباشرة وقد لا يتم فعل ذلك أصلاً.