منذ اغتيال الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله والضربات المتتالية التي تلقاها الحزب وادت الى اضعافه نسبياً، شعر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ان هناك امكانية واسعة لاستغلال هذا الظرف وتحقيق بعض اهدافه السياسية الداخلية التي سعى اليها في الاشهر الماضية من دون اي نتيجة، ولعل العمل على اسقاط حطوظ رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الرئاسية هو ابرز هذه الاهداف.
من وجهة نظر العونيين، فإن استشهاد نصرالله، صاحب الوعد لفرنجية، يعطي الحزب هامشا اكبر للتنازل عنه وكذلك رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي سيشعر بمزيد من الضعف في ظل انشغال “الحزب” بالمعركة وعدم تمكنه من حسم الحرب لصالحه كما حصل في الحروب السابقة، لذلك تحرك باسيل مسرعا وبدأ بجس نبض بري وتاليا “الحزب” حول امكانية التوافق على مرشح مقبول من كل الاطراف وايصاله الى بعبدا ما سيؤدي الى دعم الصمود السياسي في وجه اسرائيل..
حتى ان باسيل بات يتحدث عن ان ايصال اي رئيس لا يحظى بتأييد جزء كبير من اللبنانيين سيؤدي الى فشل العهد، وهو يصوب بشكل فعلي على قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي بدأ اسمه يطرح بشكل جدي، لكن باسيل لا يمكن ان يقبل له، لا بل يرفضه بلسان “الثنائي الشيعي” ويبرر رفضه بأن جزءا من اللبنانيين لن يسيروا به، وعليه فإن هم باسيل الفعلي اليوم، وبعد التخلص من فرص فرنجية، طي ورقة عون.
المهم في ما يحصل ان حسابات “الثنائي” تبدو مختلفة، وبعيدا عن كون “حزب الله” لم يستعد توازنه بالكامل بعد، الا ان الموقف الحاسم يقوم على رفض التفاوض في ظل الحرب وهذا يشمل الاستحقاقات الداخلية في لبنان، وعليه فإن تأجيل اي حديث بالرئاسة اصبح امرا واقعا، لكن من قال ان “الثنائي” يريد ان يفاوض باسيل رئاسياً، يمعنى اخر فإن التفاوض لن يحصل مع رئيس “التيار” بل مع الولايات المتحدة الاميركية في إطار ترتيب الواقع السياسي.
كما ان التراجع عن فرنجية في حال حصل لن يعلن عنه في هذه المرحلة، بل سيبقى ورقة للتفاوض بعد وقف اطلاق النار، وعليه فان نتائج المعركة هي التي ستحدد مسار ومصير الاستحقاقات الداخلية، وفي الوقت الذي يرغب به الحزب في تحصين واقعه كمقاومة، قد يجد نفسه ملزماً بتقديم تنازلات سياسية في الداخل، لكن لمن؟ للاميركيين الذين سيفاوضون في النهاية حول كل القضايا المطروحة من الحدود وصولا الى قصر بعبدا.
هذا الواقع يحسم فكرة فشل “التيار”في تحديد خياراته الرابحة، وسيصبح، بعد تراجع عدد النواب في تكتل “لبنان القوي” طرفاً هامشياً في المعادلة خصوصا ان التطورات الحالية تجعل من التوازنات الداخلية غير مهمة امام التوازنات الخارجية، الاقليمية والدولية….