هل ستكون الحرب في لبنان طويلة؟

9 أكتوبر 2024
هل ستكون الحرب في لبنان طويلة؟


على غرار ما حدث في غزة، هناك مخاوف من أنّ تطول الحرب الإسرائيليّة في لبنان، فقبل يومين أحيا “محور المقاومة” الذكرى الأولى لعمليّة “طوفان الأقصى” التي ترافقت مع دخول إسرائيل إلى قطاع غزة ووصولها إلى مدينة رفح. وبعد مرور عام على أحداث 7 تشرين الأوّل، لا يزال الجيش الإسرائيليّ في حالة صراع مستمرّ مع “حماس” لأنّه لم يُحقّق أهدافه بالقضاء على الحركة الفلسطينيّة بشكلٍ كامل، بينما يطمح إلى إبعاد “حزب الله” إلى شمال الليطاني وشلّ قدراته العسكريّة.

 
وكما هو الحال في غزة، فإنّ لبنان أيضاً أطفأ شمعته الأولى بالمشاركة في “إسناد” حماس، فتعرّضت البلدات الجنوبيّة لتدمير شامل منذ 8 تشرين الأوّل الماضي، والضاحية الجنوبيّة لبيروت وقرى البقاع تضرّرت بشدّة، بالتزامن مع إطلاق الجيش الإسرائيليّ غزواً بريّاً في لبنان.
 
وما يطرح التساؤلات بشأن إمكانية أنّ تطول الحرب في لبنان، هو رغبة رئيس الحكومة الإسرائيليّة ينيامين نتنياهو بالسير حتّى النهاية في المعارك لتحقيق أهدافه، ففي غزة لم يستطع القضاء على “حماس” وهو مستمرّ بحربه هناك، أمّا في لبنان فالتحديّات التي تُواجهه أكبر، لأنّ قدرات “حزب الله” لا يُمكن مقارنتها بتلك لدى الفصائل الفلسطينيّة، ويصعب كثيراً على إسرائيل التخلّص من “المقاومة الإسلاميّة” حتّى لو اغتالت قياداتها العليا السياسيّة والعسكريّة.
 
وعلى الرغم من تكثيف العدوّ لغاراته على مختلف المناطق اللبنانيّة، فإنّه لا يزال يجد صعوبة في التوغل في الجنوب والوصول إلى الليطاني. في المقابل، يستقدم الجيش الإسرائيليّ ألوية إضافيّة إلى الحدود مع لبنان للمشاركة في الغزو ولتسريع مهمّة الدخول إلى البلدات الجنوبيّة والسيطرة على الميدان.
 
وفي هذا السياق، فإنّ إسرائيل تُدرك جيّداً أنّ هدفها بالقضاء على “حزب الله” لا يُمكن تحقيقه، فقد سبق وأنّ فشلت في توجيه ضربة قاضية لـ”الحزب” في العام 2006، وحالياً زاد من قدراته عديداً وعتاداً، لذا، قرّر جيش العدوّ بأنّ يكتفي بإبعاد عناصر “الرضوان” إلى شمال الليطاني كيّ يعود المستوطنون إلى بلداتهم الحدوديّة.
 
كذلك، فإنّ دفع “حزب الله” إلى شمال الليطاني لا يُمكن بلوغه بالديبلوماسيّة ولا حتّى بالقوّة العسكريّة، فوحدة “الرضوان” لا تزال تصدّ التقدّم الإسرائيليّ في المناطق الجنوبيّة الأماميّة، كما أنّ “حزب الله” لا يزال يجدّ طرقاً جديدة ومختلفة لإيصال السلاح إلى خطوط المعارك، مع إشارته إلى أنّ مقاتليه هم من أهل الجنوب ولن يقبل إطلاقاً بتهجيرهم.
 
إلى ذلك، زعمت إسرائيل أنّها قضت على 50 بالمئة من ترسانة “حزب الله” الصاروخيّة، لكن الأخير لا يزال يُطلق القذائف والصواريخ بمختلف أنواعها على المستوطنات الإسرائيليّة، من هنا، لا يُمكن تبنّي التصاريح الصادرة من تل أبيب بأنّ “المقاومة الإسلاميّة” أصبحت ضعيفة في الميدان، فالسلاح الذي تمتلكه يُخوّلها بالإستمرار بالحرب البريّة، ما قد يُعيق التقدّم الإسرائيليّ ويُطيل أمد المعارك ريثما يقتنع نتنياهو بضرورة التوصّل إلى حلّ ديبلوماسيّ يفضي إلى تطبيق القرار 1701 ووقف الأعمال العدائيّة، مقابل عودة مواطنيه إلى المستوطنات الشماليّة.
 
غير أنّ شرط نتنياهو الذي يصرّ على إبعاد “حزب الله” إلى شمال الليطاني هو ما يقف عائقاً أمام نجاح المساعي الدوليّة في التهدئة، فهو يُريد تطبيق سياساته العسكريّة التي لا يزال يُحاول فرضها في غزة أيضاً في لبنان، الأمر الذي “فرمل” كافة المحادثات الديبلوماسيّة وأعاق التوصّل لاتّفاق بشأن تبادل الأسرى الفلسطينيين بالمحتجزين الإسرائيليين لدى “حماس” ووقف إطلاق النار.
 
وتجدر الإشارة إلى أنّ إيران هي لاعب أساسيّ في الحرب، ومن دون إيعازها لـ”حزب الله” بوقف إطلاق النار أو الرضوخ للشروط الإسرائيليّة والغربيّة، فإنّ الحرب ستستمرّ. وأكثر من ذلك، فإنّ المرشد الإيرانيّ الأعلى علي خامنئي اعتبر أنّه من واجب “الحزب” إسناد “حماس”، ما يعني أنّ “المقاومة” في لبنان تتمسّك بمبدأ وقف إطلاق النار في غزة كيّ تتوقّف عن قصف إسرائيل.