منذ إندلاع المواجهة بين “حزب الله” والعدوّ الإسرائيليّ ولبنان يُطالب بتطبيق القرار 1701 والضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، وقد ازدادت هذه المطالبات بعد شنّ تل أبيب غزواً بريّاً وارتفاع وتيرة قصفها واعتداءاتها بشكل غير مسبوق. وفي هذا السياق، تحرّكت الحكومة في آخر جلسة لها، وقرّرت الإيعاز إلى وزارة الخارجية والمغتربين بتقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي تدعوه فيه إلى اتّخاذ قرار بالوقف التّام والفوريّ لإطلاق النار، مع التشديد على نشر الجيش في الجنوب وتعزيز حضوره على الحدود مع فلسطين المحتلة.
Advertisement
واللافت في هذا السياق أنّ “حزب الله” بات يدعم وقف إطلاق النار في لبنان، إنّ بالضغط العسكريّ على إسرائيل وإنّ بالطرق الديبلوماسيّة، كما ان وزراءه يدعمون توجّه الحكومة بتطبيق القرار 1701. في المقابل، هناك عقبتان تحولان دون التوصّل إلى اتّفاق لإعادة الهدوء على الجبهة الجنوبيّة، أوّلهما رغبة إسرائيل بإكمال عمليّتها البريّة في لبنان بعد نقل ثقلها العسكريّ إلى الجنوب، وخصوصاً وأنّها أعلنت أنّ غزة أمست جبهة ثانويّة بالنسبة إليها، وبات تركيزها ينصبّ على “حزب الله”.
أمّا ثاني عقبة، فهي عدم إستعداد إيران للتهدئة في لبنان إنّ لم تُوقف إسرائيل حربها على قطاع غزة، وطلبها من “حزب الله” أنّ يبقى جبهة إسناد لحركة “حماس”. وفي ظلّ المطالبات الداخليّة والدوليّة الداعية إلى ضرورة تنفيذ الـ1701 بصورة عاجلة، فإنّ تحرّك العدوّ يُشير إلى عدم رغبته في التهدئة الآن، وتوجّهه إلى تفجير الوضع في المنطقة أكثر، مع تلويحه بقصف مواقع حيويّة مهمّة في قلب طهران، ما سيُؤدّي إلى جرّ إيران إلى النزاع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، وقد يطال العدوان أيضاً العراق.
ووفق محللين عسكريين، فإنّ إسرائيل ليست مستعدّة للديبلوماسيّة بعد، وقد اغتالت اسماعيل هنية الذي كان يقود المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة، كما أنّها استهدفت قيادات الصفّ الأوّل في “حزب الله” وآخرهم وفيق صفا لضرب أيّ مساعي للتهدئة في لبنان. كذلك، يُشير المحللون إلى أنّ بنيامين نتنياهو لا يُصغي إلى الرئيس الأميركيّ جو بايدن ولا للوزراء الأميركيين الذين يطالبونه بعدم التهوّر، وهو يُخاطر بتوسيع النزاع وبإشعال حربٍ إقليميّة.
وبنظر إسرائيل، فإنّه لا يُمكن تطبيق الـ1701 في الوقت الراهن إنّ لم تدفع “حزب الله” إلى شمال الليطاني وتُدمّر قدراته العسكريّة وخصوصاً الصاروخيّة، فهي تستهدف على حدٍّ سواء قوّات “اليونيفيل” في الجنوب المولجين بمراقبة تنفيذ القرار الأمميّ، إضافة إلى الجيش المسؤول بشكل مباشر على إنجاز قرار مجلس الأمن.
كذلك، إذا أبدى “حزب الله” مرونة في وقف إطلاق النار بعدما فُوجِئ بالقصف والتدمير الإسرائيليّ للضاحية الجنوبيّة وللبقاع وللجنوب، فإنّ قراره بحسب المحليين العسكريين ليس بيده، على الرغم من إعلان نائب الأمين العام لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم أنّه تمّ توكيل رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالتفاوض باسم “المقاومة” في كافة الملفات.
وأيضاً، فإنّ “حزب الله” عاد بقوّة إلى الميدان وتنفس الصعداء بعد اغتيال قياداته، وعاد ليدكّ إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات، ويكبدها خسائر فادحة كما حصل في العملية النوعية امس داخل اسرائيل، في إشارة إلى أنّه يُولي أهميّة كبيرة للمعارك على الأرض، كيّ تقتنع إسرائيل بالديبلوماسيّة وتُوقف حربها على لبنان كما في غزة، لأنّ طهران تُشدّد على خروج كلّ “محور المقاومة” منتصراً، وأنّ لا يتمّ القضاء لا على “حماس” ولا على “الحزب”، كيّ تبقى تُطوّق تل أبيب وتكون لاعباً إقليميّاً أساسيّاً في المنطقة وفي العالم.