أبعد من 5 كلم… إسرائيل تريد من لبنان التطبيع

17 أكتوبر 2024
أبعد من 5 كلم… إسرائيل تريد من لبنان التطبيع

عام مر على الحرب الإسرائيلية على لبنان وقطاع غزة، ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يريد جر الولايات المتحدة الأميركية إلى حرب ضروس في الشرق الأوسط عبر لبنان لفرض مشروع إسرائيل الكبرى، وهو يستغل الانتخابات الأميركية المرتقبة في الخامس من الشهر المقبل عبر ممارسة الضغوط من خلال اللوبيات المتحكمة في الدولة العميقة، للحصول على كافة أشكال الدعم، حيث أرسلت واشنطن إلى إسرائيل “بطارية ثاد”، وهي واحدة من أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، للمساعدة في اعتراض المسيرات والصواريخ الباليستية.

ما يحصل اليوم هو مشروع واستراتيجية سياسية أكبر من حرب وأكبر من حروب وأكبر من عمليات عسكرية، فما تشهده المنطقة بالغ الأهمية والخطورة، لا سيما وأن الجمهورية الإسلامية تعاني اقتصادياً وهناك خطر على سقوط النظام عبر محاولات ضرب الوحدة واشعال الشارع وادخال البلد في فوضى عبر بعض الحركات السياسية الايرانية المعارضة والمثيرة للجدل وتحويل الأزمة من اقتصادية إلى اجتماعية إلى سياسية.

يقول مصدر سياسي بارز إن لا مجال أمام إيران سوى التفاوض مع الولايات المتحدة، نظراً لأنها تعاني من أزمة اقتصادية حادة تترك أثارها على الداخل الإيراني الذي يتململ بعضه من الدعم الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية للمجموعات المقاومة وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف بقوله من نيويورك “إن الشعب الإيراني قد ضجر من سياسات النظام في موضوع فلسطين”. وليس بعيداً، كان لافتاً زيارة رئيس الجمهورية الايرانية مسعود بزشكيان المرشد الايراني السيد علي خامنئي بعد اسبوع من انتخابه، مبلغاً إياه أنه لا يستطيع فعل شيء على المستوى الاقتصادي الداخلي إذا بقيت الامور على ما هي عليه وأن المطلوب مفاوضات مع واشنطن من أجل استرداد جزء من الأموال المحتجزة لديهم( 400 مليار دولار مع الفوائد) ورفع الحظر عن الصادرات النفطية، وهذا ما لم يعترض عليه السيد الخامنئي. وعليه فإن إيران، بحسب ما يؤكد المصدر نفسه، مستقتلة لإنجاح المفاوضات مع الأميركيين،و خير دليل ومثال على ذلك قول بزكشيان “أننا لا نعادي الولايات المتحدة وعليهم أن يوقفوا عداءهم تجاهنا من خلال إظهار حسن نيتهم عمليا، ونحن إخوة للأميركيين أيضا”. وكما هي الحال مع إيران فإنها كذلك مع الولايات المتحدة التي يهمها جداً إعادة إحياء المفاوضات التي في حال لم تحصل، قد تشتعل المنطقة بأكملها بفعل الجنون الإسرائيلي، وعندها قد تجد نفسها ملزمة بالحرب ضد إيران، مع ما يستتبع ذلك من تفجير لأسعار النفط التي سترهق الاقتصاد الأميركي الذي يخوض الاميركيون حربا اقتصادية في وجه الصين لحمايته وبقائه أكبر اقتصاد في العالم. ومن أجل كل ذلك فإن الإدارة الأميركية مستقتلة هي أيضاً لعودة الاتفاق مع الجمهورية الإسلامية.

 

وفق قراءة المصدر نفسه، لا يريد نتنياهو إعادة إحياء الاتفاق النووي، وبينما تعتبر واشنطن أن المفاوضات مع إيران هي بمثابة الحلول الجزئية التي تقطع الطريق مرحلياً على تطوير البرنامج النووي الإيراني وتدفعها إلى خفض دعم حلفائها في المنطقة، يحاول نتنياهو توسيع حربه العدوانية التي يشنها على لبنان وغزة إلى إيران مروراً بسوريا والعراق، فهو يريد إنهاء البرنامج النووي عبر ضربه كما يريد تصفية حلفاء إيران في المنطقة، لكي يُسجل في تاريخ اسرائيل بأنه أعظم من بن غوريون، بحيث نجح في القضاء على ما يسميه الخطر النووي الإيراني وفي تصفية أعداء إسرائيل بما يسمح باستكمال مسار التطبيع الذي لا يزال لبنان وسوريا خارجه، ولذلك يحاول جاهداً إفشال المفاوضات وجر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران وضرب الدول التي لم تطبع بعد مع كيانه، ومنها لبنان وسوريا، وإذا اقتضى الأمر وصول جيشه إلى أبواب بيروت ودمشق. وربطاً بكل ما تقدم من أهداف استراتيجية يوهم نتنياهو نفسه بأنه قادر على تحقيقها، فإن الأخير وفي إطار أهدافه التكتيكية يرغب في إطالة عمر الحكومة التي كانت مهددة وإطالة عمره السياسي وعدم مثوله أمام القضاء ومحاكمته.

يظن رئيس وزراء العدو أن قادر على ضرب حزب الله إلى النهاية بما لا يسمح بإعادة تكوينه، وإرهاق الدولة اللبنانية عبر الدخول إلى العمق(مشارف بيروت)، ودفع قضية النازحين إلى الانفجار كورقة ضغط في وجه الحكومة وأن بإمكانه أن يضعها أمام حل من اثنين إما الحرب الأهلية وإما اتفاق سلام، فمشروعه، بحسب قراءة المصدر السياسي نفسه، يتجاوز التوسع 5 كلم جنوباً وتحقيق حزام أمني إلى إعادة إحياء ما يشبه “اتفاق السابع عشر من أيار” وهذا من شأنه أن يشكل قنبلة موقوتة قد تفجر حرباً داخلية بين محورين الأول لا يعارض اتفاق كهذا والثاني سوف يعمد إلى إسقاطه بشتى الوسائل.

لا يتمنى المصدر السياسي البارز، أي سقوط لحزب الله، فقط لكي لا يحقق نتنياهو ما يريده من لبنان، ويؤكد أن لا خيار أمامنا اليوم لمنع نتنياهو من التقدم والتوسع سوى الميدان. أما في سياق الحراك السياسي، فالمطلوب، بحسب المصدر نفسه، من القوى السياسية كافة انتخاب رئيس لكي لا يستعمل هذا الفراغ كشماعة خاصة وأن من صلاحية رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية، والتمسك بالقرار الدولي 1701وتأمين توافق وطني حوله ولو كان هذا القرار يربط نفسه بالقرار 1559، لأن العدو يريد من لبنان أن يسلك مسار التطبيع المرفوض من لبنان الرسمي ومن معظم الأحزاب والقوى اللبنانية، أو تفجير البلد بشتى الطرق وهو الذي يتعمد بث احتكاكات بين النازحين والبيئة المضيفة من خلال تنفيذه غارات في مناطق لبنانية كأيطو في زغرتا والهدف تأليب الرأي العام الداخلي ضد حزب الله وتحميل الضحية مسؤولية ارتكابات العدو.

وفي النهاية يذكر المصدر نفسه بما شهدته سوريا في الأعوام الماضية وضربها في عقر دارها بالتنظيمات الإرهابية كداعش، ويقول:”ما حصل كان نتيجة رفض الرئيس السوري بشار الأسد في العام 2002 التطبيع مع إسرائيل أو ما يسمى باتفاق السلام، مع إشارته إلى أن إسرائيل منذ تكوينها تؤمن بأن الأقليات في الشرق هي أقليات معقدة بعقدة النقص وترفض التطبيع، وان حليفتها الوحيدة هي المجموعات السنية المتطرفة، ولذلك تم العمل على تشكيل ما يسمى بالإخوان المسلمين في الخميسنيات”، مع الاشارة إلى ان الولايات المتحدة تعتبر منذ خمسينيات القرن الماضي أن الجماعة يمكن أن تكون مفيدة لسياساتها الخارجية، خاصة في منطقتي الشرق الأوسط وشرق أوروبا.