انشغل العالم الافتراضي امس الاول بالوثائقي الذي نشرته قناة MBC حول بعض قادة المقاومة الذين تمّ اغتيالهم على يد العدوّ الاسرائيلي بوصفهم “ارهابيين”، بحسب ما ورد في التقرير، والذين كان اخرهم يحيى السنوار الذي تسلّم رئاسة المكتب السياسي لحركة “حماس” عقب اغتيال اسماعيل هنية في طهران.
هذا التقرير أشعل ردود الفعل الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي التي ترافقت مع استنكار جماهيري في العاصمة العراقية، بغداد، حيث قامت مجموعة من النشطاء بالهجوم على مكتب القناة واقتحامه وتكسير محتوياته، سيّما وأن التقرير أتى بعد ساعات من اعلان “حماس” في بيان رسمي استشهاد السنوار. وبعد حملة واسعة لم تتوقّف خلال ال24 ساعة الفائتة، قامت “الهيئة العامة لتنظيم الاعلام” في المملكة العربية السعودية بنشر بيان يشير الى “احالة مسؤولين بإحدى القنوات التلفزيونية للتحقيق بسبب تقرير إخباري مخالف للأنظمة والسياسة الاعلامية في المملكة”. ورغم أن البيان لم يوضّح صراحةً اسم القناة أو التقرير، غير أن كل المؤشرات دلّت على أن اجراءات الهيئة مرتبطة بتقرير MBC، سيّما وأن القناة كانت قد قامت بعد ساعات من انطلاق الحملة ضدّها بحذف تقريرها عن كل مواقعها الرسمية.
وفي ظلّ الدعوات الشعبية الى مقاطعة MBC وحذفها تماماً عن اجهزة الارسال، صرّح النائب في البرلمان العراقي مصطفى جبّار سند بأنه “سيتمّ العمل على إلغاء رخصة القناة من العراق”، الامر الذي لاقى استحساناً كبيراً من قبل رواد التواصل الذين أشادوا بموقفه وطالبوا كل المسؤولين في الدول العربية باتخاذ خطوة مماثلة منعاً لأي توتّرات شعبية اخرى قد تؤدي الى نتائج لا تُحمد عقباها، ثم ما لبث أن صدر بيان عن هيئة الاعلام والاتصالات في بغداد يقضي بتوجيه الجهاز التنفيذي الى إلغاء رخصة العمل الممنوحة لـ MBC.
وفي العودة الى اغتيال يحي السنوار، فإنّ المشهد لا يزال غامضاً حتى اللحظة، إذ ثمة روايات أكّدت ان الاغتيال كان صدفة غير مخطط لها، في حين ان رويات اخرى تحدثت أن الاغتيال أتى نتيجة تعقّب أثر السنوار واستهدافه مباشرة. وهنا نكون بلا شك أمام تضارب في الروايات، الا أنه من غير الممكن وبأي شكل من الأشكال التعويل على الرواية الاسرائيلية التي تريد أن تصنع لنتنياهو “صورة انتصار” عجز طوال المرحلة الفائتة عن تحقيقها في قطاع غزّة.
وفي تحليل لمقطع الفيديو والصور التي نشرها العدوّ الاسرائيلي للسنوار، سواء المقطع الذي يظهر خروجه من احد الأنفاق مع زوجته وأولاده أو صورة لتأكيد خبر اغتياله، ترى مصادر مطّلعة أنّ كل ما تمّ نشره من الجهات الاسرائيلية ليس الا “هزيمة معنوية للعدو ّ امام الرأي العام العربي والغربي والاسرائيلي، سيّما وأنها أظهرت أن السنوار لم يخرج يوماً أو يُخرج عائلته من غزّة، الامر الذي يدحض كل الدعاية التي دأب العدوّ على التسويق لها طوال الفترة السابقة لإظهار السنوار بصورة الجبان الهارب من المعركة تاركاً خلفه اهل غزّة يواجهون مصيرهم لوحدهم”. ولفتت المصادر الى أن اسرائيل تريد اغتيال كل المفاوضات من خلال اغتيال القادة السياسيين، وهذا ما ظهر بعد اغتيال هنية ويظهر اليوم اكثر مع اغتيال السنوار.
وأكدت المصادر أن المقاومة بصدد نشر مقاطع مصوّرة في الساعات او الايام المُقبلة يظهر فيها السنوار مشتبكاً مع العدوّ في معارك غزّة. وأضافت أن “صورة استشهاد السنوار ستبقى خالدة في وجدان الأمةّ الاسلامية والعربية، حيث بيّنت بلا أدنى شك أنه اغتيل مقاتلاً حتى اللحظة الاخيرة، وهذه هزيمة اخرى تضاف الى هزائم اسرائيل المعنوية في حربها على غزّة”
ومع مواصلة العدوّ الاسرائيلي ليل امس حربه الشرسة على قطاع غزّة، والتي وصفت بالإبادة الجماعية لمربعات سكنية في جباليا، انطلقت دعوات شعبية على مواقع التواصل من قِبل مؤثرين من عدة دول عربية يدعون فيها إلى حصار السفارات الأميركية والإسرائيلية بدءاً من هذه اللحظات، وذلك بالتزامن مع دعوة رئيس “حركة حماس” في قطاع غزة خليل الحية للجماهير العربية والإسلامية الى ذلك. وتهدف الدعوات الى الضغط لإيقاف مجازر الاحتلال الاسرائيلي في شمال غزة حيث ترتكب قواته ابشع مظاهر الابادة والتطهير بحق السكان، وسط انقطاع الإنترنت والاتصالات ما يمنع وصول المشاهد المروعة من هناك.
وفي إطار الحرب الدائرة بين “حزب الله” على الجبهة الجنوبية للبنان واسرائيل، ضربت طائرة مسيرة أطلقت من لبنان امس منزل رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في قيساريا وأحدثت انفجارا كبيرا. ولاحقاً أكّد مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء وزوجته لم يكونا داخل المنزل ولم تقع إصابات في الحادث”. وتعليقاً على هذه الضربة تشير مصادر عسكرية مطّلعة أنّ ما تحدّث عنه اعلام الاحتلال حول “فشل أمني خطير” هو دقيق طبعاً، وأنّ الوصول الى مكان إقامة نتنياهو يحسم قرار “حزب الله” بالذهاب بعيداً في هذه المعركة، وأن استهدافه او اي شخصية اسرائيلية أخرى بات جزءاً من الحرب المفتوحة.
يترقّب العالم اليوم تأثير التطورات الأخيرة على الضربة الإسرائيلية المحتملة لإيران، وتشير المصادر الى أن هذه التطورات من شأنها أن تشكّل منعطفاً خطيراً في مستقبل الصراع مع اسرائيل. وتوقّعت المصادر أن تُقدم ايران على اغتيال نتنياهو أو جالانت انتقاماً، في حال اتى الردّ الاسرائيلي بقصف منشآت إيرانية مهمة. واعتبرت المصادر أن محاولة اغتيال نتنياهو أمس هو رد طبيعي على التصعيد الإسرائيلي باغتيال قادة المقاومة سياسيا وعسكرياً.