كتبت راجانا حمية في” الاخبار”: الصيدليات اليوم «هجمة» من المواطنين على شراء المهدئات وأدوية الأمراض العصبية لمواجهة أزمةٍ تتعقّد يوماً بعد آخر. ويلاحظ الصيادلة هذا الإقبال تحديداً في مناطق النزوح، حيث زاد الطلب «ممن لم يتناولوا سابقاً مهدئاً أو دواءً بأكثر من 30%، ويوماً بعد آخر تتزايد هذه النسبة»، يقول الصيدلي سهيل الغريب. واللافت، بحسب الأخير، أن هذه الحرب كانت «القشّة» التي قصمت كل شيء، فبعد الأزمة المالية ومعها انفجار المرفأ وعام من الحرب الدائرة في الجنوب، ومن بعدها الحرب الكبرى الدائرة اليوم، «انفجر» الناس. واللافت أنه مع «الانفجار الكبير» اليوم، زادت الأمراض المرتبطة بعوامل نفسية، حيث «زادت بنسبة كبيرة جداً أوجاع المعدة ومشاكلها الناتجة من التعصيب، كما نوبات الهلع panic attack». ويضيف الغريب إلى هذه الفئة، الحديثة في تناولها لأدوية المهدئات والأدوية العصبية، فئة أخرى من المواطنين «المرضى» بالأساس الذين تهافتوا على شراء أدويتهم بناءً على وصفة طبية، خوفاً من انقطاعها. في الحالتين، «الطلب إلى ارتفاع، حتى في المناطق البعيدة عن القصف يتجاوز الطلب عليها الـ ـ20%»، يكمل الصيدلي فرج سعادة. تختلف نسب تعاطي المواطنين لتلك المهدئات باختلاف المناطق، ففي تلك التي شهدت قصفاً متواصلاً وفي مناطق النزوح، يفوق الطلب المتوقع ثم ينخفض في المناطق البعيدة عن القصف. هكذا، تتأرجح أجوبة الصيادلة ما بين 40 و20%، بحسب أماكن وجود صيدلياتهم. مع ذلك، لا مكان بـ«صفر» مهدّئات. فكل الأمكنة طاولتها الحرب، إن لم يكن بالمباشر، فعبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث حكايا النازحين والمقتولين بغارات العدو الإسرائيلي، وحتى في مراكز النزوح، تكبر فئة الممسوسين بالقلق والكآبة، حيث تسهم الظروف الصعبة التي يعيشها النازحون في مراكز الإيواء في اللجوء إلى هذا الخيار. ولذلك، يجنح نقيب صيادلة لبنان نحو اعتبار الطلب على المهدئات أكبر بكثير مما يقال، غير أن ما يقف حائلاً دون تحديد النسب الحقيقية «أنه لا يمكن للصيدلي صرف هذه الأدوية من دون وصفة طبية قانونية، و من جهة أخرى، فإن الطلب عادة ما يواجه بنقصٍ في عدد كبير من الأدوية».
وإن كانت لا توجد نسبة بعينها، حيث إن «من المبكر جداً قياس هذا الأمر، إذ يحتاج الأمر إلى ثلاثة أو أربعة أشهرٍ»، بحسب نقيب مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات، جو غريب، إلا أنه في حال الزيادة «فهذا أمر طبيعي في ظل ما نمرّ به». ويصبح هذا الأمر أكثر طبيعية، بالعودة إلى الدراسة التي أجرتها أخيراً جمعية «إدراك» عن «الصحة النفسية في لبنان بعد الأزمات المتعدّدة» والتي شملت 2857 لبنانياً فوق الــ ـ18 عاماً، حيث بينت أن «ثلثَي اللبنانيين يعانون من اضطرابات نفسية على اختلاف أنواعها»، فيما الاضطرابان الأكثر شيوعاً بين تلك الاضطرابات هما «القلق والاكتئاب»، بحيث إن نصف الشعب اللبناني، اليوم، ليس بخير، فيما القلّة منهم تحصل على المتابعة النفسية اللازمة (أقل من 10%).