نزوح في الشارع.. هذا ما فعلته حرب لبنان بـالعاملات المهاجرات!

27 أكتوبر 2024
نزوح في الشارع.. هذا ما فعلته حرب لبنان بـالعاملات المهاجرات!

لا تصيب ويلات العدوان الإسرائيلي اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين والسوريين وحدهم، بل تمتد إلى العمال الأجانب، ومن بينهم عاملات المنازل اللواتي افترشن الأرصفة منذ بدء العدوان.

أوقات عصيبة أمضتها مجموعة من العاملات المهاجرات على امتداد كورنيش الرملة البيضاء في بيروت، بعد أن تُركن في الشارع لقدرهنّ وسط البؤس والقهر والجوع، لولا رحمة بعض الخيّرين.

تروي فاطمة أميدو، القادمة من سيراليون، كيف أنّها كانت تعمل في الخدمة المنزلية في أحد منازل مدينة صور قبل أن تضطر إلى النزوح برفقة أصحاب المنزل وأولادهم إلى الضاحية الجنوبية لبيروت بعدما اشتد القصف الإسرائيلي على الجنوب، وتقول لـ”العربي الجديد”: “فوجئنا بالغارات القوية وهرعنا إلى الشارع، غير أن الصدمة حصلت عندما استقلت صاحبة المنزل سيارتها وهربت برفقة أطفالها، من دون أن تكترث لأمري. اكتفت بالصراخ اذهبي إلى شقيقاتك الأفريقيات من سيراليون، وتركتني لقدري في الشارع. التقيتُ مجموعة من العاملات في شوارع الضاحية الجنوبية، وتوجّهنا معاً نحو كورنيش الرملة البيضاء لأنه الأقرب والأقل خطراً”.

وتقول: “وصلنا إلى الكورنيش عند منتصف الليل، وأدركنا أننا لم نعد نملك شيئاً، لا المال ولا الثياب ولا الطعام ولا المياه، حتى إن الهواتف ليست في حوزة معظمنا. غفونا على الأرصفة، فلا فُرش ولا أغطية ولا وسادات، ولم يكترث أحد لأمرنا. استفقنا على هول الفاجعة بعدما صرنا بلا مأوى”.

من جهتها، تسرد مريم ألفا كماغا معاناتها بعدما تخلّت عنها صاحبة المنزل في الضاحية الجنوبية وهربت بسيارتها بعد الغارات العنيفة، وتقول لـ”العربي الجديد”: “لم تتكبّد صاحبة المنزل حتى عناء إيصالي إلى مكان آمن، سواء مدرسة أو مركز إيواء، أو حتى إلى الكورنيش، بل اكتفت بالقول اذهبي إلى الشارع، هناك كثير من الأفريقيات في الخارج، اذهبي واعثري على شقيقاتك، وهي تقصد زميلاتي من عاملات المنازل المهاجرات. لم يدفعوا رواتبنا، ورمونا في الشارع، وبقينا على الرصيف من دون طعام ولا أغطية ولا فُرش ولا أي مساعدة”.

أما فاطمة كامالا فقد وصلت إلى لبنان عام 2022، وعملت في منزل بالضاحية الجنوبية قبل أن تصبح مشرّدة في شوارع بيروت، وتقول لـ”العربي الجديد”: “حين قُصفت الضاحية الجنوبية هرعت صاحبة المنزل مع عائلتها إلى الفرار بعيداً، وقالت لي خذي حقيبتك وارحلي. اذهبي وابحثي عن شقيقاتك في مخيم صبرا وشاتيلا (بيروت)، وهي تقصد العاملات من بلدي سيراليون”.

من جهتها، تناشد زينب، العاملة العشرينية المهاجرة، الجمعيات الخيرية والحقوقية الرأفة بها وبزميلاتها، وتقول لـ”العربي الجديد”: “تركتُ خلفي ثلاثة أطفال، وقدمتُ إلى لبنان للعمل في منزل بالضاحية الجنوبية، لكنّ أصحابه لم يأبهوا لأمري. فور وقوع الغارات المدمّرة، احتضنوا أطفالهم وهرعوا إلى سيارتهم، وصاحوا بي اذهبي في إجازة”. وتقول: “ننتظر الخلاص ولا نعرف من أين سيأتينا، لكننا لا نقوى على تحمّل مزيد من البؤس والمعاناة. خذلنا أصحاب العمل”.

يؤكد مدير مكتب قنصلية سيراليون الفخرية في لبنان، سمير بحسون، لـ”العربي الجديد”، أن “القنصلية باشرت منذ إبلاغها بأوضاع عاملات المنازل المشردات، التواصل مع المنظمات الدولية والجمعيات المحلية المعنية، لتأمين مأوى لهنّ في مراكز هذه المنظمات والجمعيات، وتوفير الخدمات والمساعدات. أما بالنسبة للعاملات التابعات للكفيل، فقد تواصلنا مع الأمن العام اللبناني لإعداد ملفات خاصة بهنّ، على أن تتكفل المنظمات الأجنبية المعنية بدفع التكاليف. كما نتابع أحوالهنّ مع سفارة سيراليون في طهران ومع جمهورية سيراليون، خاصة أن لبنان يضم “نحو 1.776 عاملة منازل من الجنسية السيراليونية”.

ويكشف أن “عدد عاملات المنازل من الجنسية السيراليونية اللواتي رُمين في الشارع، تراوح بين 100 و150 عاملة، 80% منهنّ نازحات من الضاحية الجنوبية لبيروت ومن محافظة الجنوب، و20% منهنّ تُركن في الشارع من قبل أصحاب عمل سافروا ولم يرغبوا في دفع تكاليف السفر للعاملات، ولا حتى تخليص أوراقهنّ لدى الأمن العام اللبناني”.

ويشير إلى أنّ “القنصلية تعمل ضمن صلاحياتها وإمكاناتها، وستقوم بترحيل الراغبات في العودة إلى بلادهنّ على نفقة المنظمات الدولية، وبمعالجة وتسوية الشؤون القانونية للراغبات في البقاء في لبنان. لم تردنا مؤخراً أي بلاغات جديدة بشأن وجود عاملات منازل من سيراليون في الشارع، ونأمل ألا تكون أي عاملة في الشارع لغاية اليوم. لكننا لا نملك فريقاً ميدانياً لتقصّي حقيقة الأمر على أرض الواقع، إنما نعتمد على ما يردنا من بلاغات من أفراد وجمعيات ووسائل إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي”. (العربي الجديد)