ليست المرة الأولى التي تواجه فيها الجامعة اللبنانية قرار التعليم عن بُعد، لكن هذه المرة تحمل في طياتها تحديات جديدة وقاسية. شباب لبنان الذين اختاروا البقاء في وطنهم، الذين قرروا المضي في مساراتهم الأكاديمية والاحترافية ليبدعوا في مجالاتهم، كانوا يراهنون على الأرض التي احتضنت أحلامهم، على المؤسسات التي تكوّن مستقبلهم. في زمن كورونا، كان التعليم عن بُعد اضطراراً فرضته جائحة عالمية. أما اليوم فالحرب تفرض نفسها كواقع مرير على الحياة الجامعية، إذ أجبرت الحرب بعض الطلاب والأساتذة على النزوح. فكيف ستستكمل الجامعة تعليمها في هذه الظروف؟ وما هي التحديات التي يواجهونها؟
Advertisement
]]>
رئيس الجامعة اللبنانيّة، العميد بسام بدران، يوكّد في كلامه لـ “لبنان 24” أن “أربعة كليات من الجامعة اللبنانية بدأت التدريس في 28 تشرين الأوّل. وفي يوم الإثنين 4 تشرين الثاني، انطلقت الدراسة في كليتين إضافيتين في اختصاصات الحقوق وإدارة الأعمال، كما يتم حالياً متابعة الإجراءات اللازمة لاستئناف العملية التعليمية في كلية العلوم والتكنولوجيا”، موضحاً أنّ “عددًا كبيرًا من فروع الجامعة اللبنانية أصبح من غير الممكن الوصول إليها في الوقت الراهن، نتيجة القصف المباشر الذي يستهدف محيط الجامعة أو المدن التي تقع فيها. على سبيل المثال، كلية العلوم وكلية إدارة الأعمال – الفرع الخامس في النبطية أصبحت غير قابلة للوصول بسبب القصف المكثف على المنطقة، بالإضافة إلى كلية العلوم في بنت جبيل وفي دوريس البقاعية. وفي زحلة، تعرضت كلية الصحة إلى قصف قريب من مبانيها بمسافة لا تتجاوز المئة متر”.
وعن الأضرار الّتي أصابت الجامعات، كشف بدران أن “القصف على منطقة الليلكي أدّى إلى تضرر مجمع الحدث في الطرف الغربي، حيث تعرض المبنى لأضرار في الزجاج والأبواب الحديدية والخشبية، بالإضافة إلى تأثيرات مباشرة على المباني نتيجة القصف في محيطها”.
وفي ما يتعلق بالتعليم عن بُعد ومتابعة الحضور، أوضح أن ” الجامعة اضطرت إلى فتح أبوابها في 19 فرعاً لاستقبال النازحين، والجامعة مستمرة بتسجيل جميع الطلاب بشكل دوري، ولا توجد أي مشكلة في حال حدوث انقطاع في الكهرباء أو الإنترنت لدى الطلاب. حيث يقوم الأساتذة بتسجيل كافة المحاضرات، وبالتالي سيتمكن الطالب من الوصول إلى المحاضرات المسجلة في أي وقت”. موضحاً أن “هذا النظام ينطبق أيضاً على الطلاب المتواجدين في مراكز الإيواء أو الذين يعيشون مع عدد كبير من الأقارب في مكان واحد، مما يضمن لهم استكمال دراستهم بشكل ميّسر وفعّال”.
وفي ما يخص الجانب التطبيقي للدروس في الكليات التي تتضمن تطبيقات عملية، أكّد بدران أن “الوضع سيتم تقييمه خلال الأسابيع المقبلة، وفي الكليات العلمية مثل كلية الهندسة، وكلية العلوم، وكلية الصحة بمعظمها، باستثناء كلية زحلة، فإنها لا تضم نازحين حالياً، وبالتالي سيتمكن الطلاب من إجراء التطبيقات العملية في المختبرات حضورياً دون أية معوقات”.
وبالنسبة للأعمال الإدارية، أوضح أنّها “مستمرة بشكل طبيعي في معظم الجامعات. أما التي تأثرت جراء الحرب، فقد تم نقل المعاملات الإدارية إلى فروع أخرى. على سبيل المثال، أصبحت كلية السياحة تمتلك مكتباً في الإدارة المركزية لتلبية احتياجات الطلاب، وكذلك كلية إدارة الأعمال، حيث تم نقل بعض المعاملات إلى الفروع التابعة للإدارة المركزية “.
ووجّه بدران رسالة عبر “لبنان 24″، قائلاً :”هذه السنة ستكون تحدياً كبيراً للأساتذة والطلاب والموظفين على حد سواء، إلا أن الجامعة ليست المرة الأولى التي تمر فيها بمثل هذه الظروف الصعبة. فقد مرت الجامعة في عامي 2001 و2002 بظروف استثنائية بالغة الصعوبة، ورغم ذلك استمرت في مسيرتها وتجاوزت الأزمة. وأعرب عن أمله في أن تُتَخطى هذه المرحلة الصعبة بتعاون مستمر بين الطلاب والأساتذة “.الأعمال التطبيقية والامتحانات لا يمكن تنفيذها عن بُعدبدوره، أعلن مدير كلية العلوم – الفرع الثاني إيلي الحاج موسى عبر “لبنان 24” أن “إدارة الجامعة قررت استئناف التعليم أونلاين خلال هذه الفترة الاستثنائية”. مشيراً إلى أن “الطلاب يعبرون عن رغبتهم في العودة إلى التعليم الحضوري، حيث أن العديد من المواد الدراسية تتطلب تواصلاً مباشراً بين الأساتذة والطلاب. لأن التفاعل المباشر يُتيح للطلاب فرصة للتفاعل الإيجابي مع أساتذتهم، كما يُمَكِن الأساتذة من متابعة التحديات التي قد يواجهها الطلاب في الدروس والعمل على حلها، وهو أمر يصعب تحقيقه في التعليم عن بُعد”.
كما أضاف أن “المختبرات والأعمال التطبيقية، بالإضافة إلى الامتحانات، لا يمكن تنفيذها عن بُعد. هذه الأنشطة تتطلب تواجداً فعلياً لضمان تطبيقها بشكل فعّال “.
أما بالنسبة لعدد الطلاب والأساتذة والموظفين النازحين، فقد أوضح مدير الكلية أن “العدد قليل جداً. بناءً على ذلك، طالب رئاسة الجامعة وإدارتها بالسماح بإجراء الدروس حضورياً، خاصة بعد أن سمح وزير التربية بالتعليم الحضوري في المؤسسات التعليمية”. وتمنّى أن “يُطبق نفس القرار في الجامعة اللبنانية، بالطبع مع أخذ، حالات بعض الطلاب بعين الاعتبار. ومع ذلك، يبقى الأمر مرهوناً بقرار الجامعة “.
“سلاحنا الوحيد هو العلم”ويروي أحد الطلاب النازحين من بلدة دبل إلى أحد مراكز الإيواء في بكفيا لـ “لبنان 24” أنّه قرر دراسة إدارة المعلومات في الجامعة اللبنانية، رغم الصعوبات التي يواجهها. وقال: “واجهت الكثير من التحديات في النزوح، لكن من الضروري أن نضحي في مثل هذه الظروف لأن لبنان كله جريح، وسلاحنا الوحيد هو العلم “.
أما بشأن قدرته على متابعة دروسه أونلاين، أضاف: “أنا شخصياً لا أستطيع الحضور أونلاين بسبب عدم توفر الإنترنت”. واعتبر أنه كطالب نازح يشعر بالظلم، قائلاً: “أنا مظلوم لأنني لست في بيتي، ولا توجد مقومات تتيح لنا متابعة دراستنا بشكل طبيعي”. وأشار إلى ضرورة أن “تأخذ الجامعة وضعهم بعين الاعتبار”، مؤكداً أنه “يجب أن تعمل على إيجاد حلول تُمكّنهم من مواصلة مسيرتهم التعليمية واستكمال حياتهم الأكاديمية رغم التحديات التي يواجهونها”.