كل المؤشرات السياسية والتصريحات والنشاط الديبلوماسي يوحي بأن ما يحصل بين لبنان واسرائيل بوساطة اميركية يقودها المبعوث الشخصي للرئيس الاميركي اموس هوكشتاين في غاية الجدية، خصوصا ان مسار المعارك والحرب الذي بدأ في لبنان منذ نحو شهرين وصل الى نوع من الجمود..
من الواضح ان اسرائيل حققت الكثير من الانجازات لكنها اليوم لم تعد تستطيع تحقيق المزيد ،حتى ان ما تفعله مثل اغتيال مسؤول وحدة العلاقات الاعلامية محمد عفيف او القصف العنيف على الضاحية او مسؤول الوحدة الصاروخية في بلدة جنوبية لا يؤثر على نتيجة المعركة ولا على واقع “حزب الله” المستقبلي، لذلك فإن الانجاز قد حُقق وما يحصل اليوم قد يكون اضاعة للوقت بأحسن الاحوال بالنسبة لتل ابيب.
حتى في الواقع السياسي، استطاعت تل ابيب تحقيق عدة امور قد تكون انجازات جدية، الامر الاول هو فصل الجبهات، فالحديث اليوم عن تسوية في لبنان من دون وقف اطلاق النار في غزة وهذا تنازل من قبل “حزب الله”، كما ان الحزب اليوم يفاوض تحت النار وهذا ما كان قد رفضه في السابق..
وترى مصادر مطلعة ان ما قدمه الحزب هو اقصى ما يمكن ان يقدمه خصوصا ان اسرائيل لم تكسر موازين القوى الى حد اكبر من هذا الحدّ، وعليه حتى لو تمكنت اسرائيل من التعمق اكثر في الاراضي اللبنانية فإن السيطرة على القرى سيكون صعبا حدا، اذ انها منذ اسبوع تقاتل في بلدة صغيرة جدا اسمها شمع من دون تحقيق اي تقدم، لا بل قد يشكل الامر فرصة للحزب لاستنزاف اسرائيل ما يحسن شروطه التفاوضية..
وترى المصادر ان الايجابية اليوم تسير بالتوازي مع التصعيد العسكري من كلا الطرفين وايصال الرسائل الميدانية، خصوصا ان تل ابيب مستعجلة للقيام بإنجاز ميداني، اذ ان الجيش الاسرائيلي لا يقوم بأي معركة عسكرية متكاملة للسيطرة على المساحات بل يقتصر خرقه الميداني على اطراف القرى للوصول الى عمق معين لتوثيق التقدم، وهذا ما لا يمكن صرفه ميدانيا بل قد يشكل عبئا عليه ان لم يدخل القرى ويثبت في داخلها.
خلال جولته اوحى هوكشتاين ان المفاوضات تحتاج الى اسبوع قبل الوصول الى وقف اطلاق نار، وهذا كله مرهون بنية نتنياهو، فالجانب اللبناني تجاوب بشكل كبير مع المبادرة وقدم كل ما يمكن تقديمه في هذه المرحلة وعليه فإن ما يحصل اليوم سيجعل للمرة الاولى الكرة في ملعب رئيس الحكومة الاسرائيلية.