ضجيج بلا ركاب.. مكاتب التاكسي تحارب للبقاء وفوضى عارمة في التسعيرات

25 نوفمبر 2024
ضجيج بلا ركاب.. مكاتب التاكسي تحارب للبقاء وفوضى عارمة في التسعيرات


لبنان اليوم لم يعُد سالمًا، فبعد أن مرّت عليه الأزمات المصرفيّة والمالية، ها هو اليوم يعيش الحرب الشاملة. ناهيك عن الأزمات التي باتت تقوّض حياة اللبنانيين، تأتي أزمة قطاع النقل والمواصلات لتتصدّر المشهد، حيث تشهد خدمات النقل في لبنان، تراجعًا تدريجيًا، سيّما في أجواء الحرب التي نعيشها .


Advertisement

]]>

في خضم الأزمات والحرب التي تعصف، يبرز سائقو التاكسي وموظفو النقل العام كرمز للصمود والمثابرة. هؤلاء الأبطال، الذين يخرجون كل صباح باحثين عن لقمة العيش، يمثلون تجسيداً حياً لمعاناة الشعب اليومية. يواجه سائقو السيارات العمومية صعوبة كبيرة هذه الايام، فهم باتوا كبش محرقة الازمات، يصارعون وحدهم في الواقع، فيما عملهم كسائق تاكسي بات لا يطعم خبزاً.
أزمة مزمنة تكاد تكون الأسوأ بل الأخطر، في ظلّ الانفلات الأمني والاجتماعي، وموضوع تعرفة التاكسي أو السرفيس عاد إلى الواجهة من باب الفوضى التي تعتريه من دون حسيب أو رقيب يُنظّم هذا الأمر. وأكثر المتأثرين هم السائقون ثمّ المواطنون الذين يعتمدون على النقل العام. فالسائق العموميّ معتدى عليه من قبل سيارات الأجرة المزوّرة التي تنافسه على الطرقات.
يحكي أحمد حمزة، سائق تاكسي، عن التغيرات التي شهدها قطاع النقل خلال الفترة الأخيرة، ويقول: الأوضاع اختلفت تماماً، الخوف في كل مكان. حركة السير على الطرق وفي البلدات شبه معدومة.
ووفق حمزة، فإنه يضطر للعمل من السابعة صباحاً حتى الخامسة عصراً لينتج 50 دولار لا تكفي تنكة بنزين، وأن السائق العمومي بات أكثر الفئات فقراً في هذا البلد، فأي عطل في السيارة او الفان يكلّف ما فوق 100 دولار. وأن الأمر لا يقتصر على هذه المشكلة فحسب، بل سائق التاكسي في لبنان يكدح منذ ساعات اليوم الأولى وصولًا الى الليل، ليؤمن ربطة خبز وأدويته بحدّه الأقصى
وقال “أخاطر بحياتي يوميا من أجل العمل، انطلق من موقف السيارات في جدرا، متجها نحو بيروت. إذ أقوم بمهمة نقل النازحين، أو إيصال الزبائن، لقد تحولت الرحلة إلى مغامرة بسبب القصف العشوائي الإسرائيلي على القرى والبلدات”.
وتابع حمزة “هناك مشكلتان رئيسيتان، الأولى هي أنك لا تعرف ما إذا كنت ستصل إلى وجهتك، والثانية هي أنك لا تعرف في أي حالة ستعود. فتجد السائق يتجول بين الشوارع، محاولًا العثور على راكب أو أكثر، لكن مع كل دقيقة تمر، يصبح من الصعب تغطية تكاليف الوقود التي تستهلكها سيارته”.
وأشار الى أن “الطرقات سايبة، لا حسيب ولا رقيب ولعلّ أبرز المخاطر، هي السيارات والفانات غير الشرعية التي تنافس وسائل النقل العمومية الشرعية، وتأتي الحوادث الأمنيّة المتفرّقة كالسلب، والتشليح، والابتزاز، ناهيك عن القُصَّر الذين لم يبلغوا الثامنة عشر من عمرهم، ما يعرّض حياتهم وحياة الركّاب والمارّة للخطر”.
وقال حمزة “في الوقت الذي تشهد فيه البلاد أزمة معقدة متعددة الأوجه نجد أن السائق والزبون يحرص كلاهما على عدم الإكثار في الكلام، وإن تكلما فبأي موضوع يحرصان من خلاله البقاء بعيداً عن مناقشة الوضع السياسي وما يجري في البلاد. إلا أن الحدث كثيراً ما يفرض نفسه ويبدأ أحدهما الحديث بعبارة مثل: لا حول ولا قوة إلا بالله، من كان ليصدق بأن يجري كل هذا”.
وأكد أنه عندما يشهد لبنان نموًا وازدهارًا وتطورًا سياحيًا، يزدهر قطاعنا. وعندما نعيش حالة حربٍ ودمار كما يحصل معنا اليوم، فان وضعنا سيسيء حتمًا.ويطرح أحمد السؤال فيقول: “أخبرونا متى ستتوقف هذه الحرب ؟
وفي هذا السياق، أكّد مكتب “ربيع تاكسي” أنّ”خدمة السرفيس شبه معدومة، نتيجة تخوّف المارّة من التّحرّك لا سيّما في فترات المساء والليل. فشوارع بيروت اليوم معرّضة للاستهداف في أيّ لحظة من الغارات الإسرئيلية. بالإضافة إلى إهمال الطرقات والسرقات والفوضى.
ويضيف المكتب: “في عام 2006 كان اقتصاد لبنان واعداً، وكان البلد يستقطب استثمارات عربيَّة وأجنبيَّة. أين نحن اليوم؟ فلبنان دخل الحرب على أنقاض انهيار سياسي، وفراغ رئاسي ومؤسساتي. وقد ساهَمَ هذا الانهيار في تلاشي مقوّمات الصُّمود المَعيشيَّة للبنانيين، مِمَّا يَزيد مِن حِدَّة التَّداعيات. وقطاعنا يتأثر بالأزمة اللبنانية، فما بالك من الحرب؟ فالغارات والاعتداءات تستهدف كل القرى والمدن والطرقات العامة والفرعية، وبالتالي حركة السيارات إلى تراجعٍ”.
وأكد أن صرخة “الشوفيرية” بدأت تخرج للعلن، ومعاناتهم تكبر مع تزايد حدة الازمات التي طالت كل شيء ما يعني أن الغلاء المحيط بهم سيدفع بهم لرفع التعرفة، ووفق قول الشوفيرية أن أي تصليحة تحتاج ميزانية عالية، ما يعني أن الشوفير اليوم اما أن يستغني عن عمله ويركن سيارته، أو يضغط باتجاه تحصيل حقوقه.
وتابع المكتب أن: المشكلة لها أوجه عدة وسنحاول أن نُبقي في خوض المناقشات والحوار للحدّ قدر استطاعتنا من الاعلاء علطنا وعلى المواطن ايضا ، خاصة أن النقل وسيلة يعتمدها جزء كبير من الموظفين والطلاب والأساتذة والعسكريين والفقراء والمتقاعدين.
وأكد أن سائقي النقل “العام والخاص” في لبنان هم الأبطال الصامتون الصامدون الذين يتحملون أعباء الحياة اليومية. في كل رحلة، يحملون آمال الركاب وأحلامهم. وبينما يحاولون التكيف مع واقعهم القاسي، فهم يمثلون رمزاً للصمود والإصرار.
إنها الأزمة في لبنان والتي طالت شتى مجالات الحياة فيها، دون أن تطال الأمل الذي ما زال حياً لدى كل لبناني بأن يعود الاستقرار إلى البلاد. وقد طالت الأزمة حياة سائق التاكسي ما أدى إلى تراجع دخله وما يزيد “الطين بلة” أن هؤلاء يعتمدون على الموسم السياحي في جني أرباح العام، لكن في ظل الوضع الراهن لا يمكن الحديث عن مستويات من السياحة تؤمن لسيارات التاكسي عملاً كما في المواسم خلال مرحلة ما قبل الأزمة، ولهذا تجد شكوى السائقين مضاعفة هذه الأيام.