يترقب اللبنانيّون انتخاب رئيس للجمهوريّة خلال هدنة الـ60 يوماً، والإنتهاء من أزمة الشغور التي طالت لأكثر من سنتين، وخصوصاً بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه برّي و”حزب الله” أنّهما لن ينتخبا أيّ رئيس “تحت النار”. في المقابل، لا يزال الأفرقاء السياسيّون على مواقفهم في ما يتعلّق بالمرشّحين، ولم يتمّ التوصّل حتّى الآن لإجماعٍ حول شخصيّة وسطيّة، بينما يتّجه أغلبيّة النواب إلى التمديد لقائد الجيش جوزاف عون وبقيّة قادة الأجهزة الأمنيّة، لتلافي الشغور في المؤسسة العسكريّة بالتزامن مع تطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش على طول الحدود اللبنانيّة – الفلسطينيّة كما ينصّ الإتّفاق الأميركيّ – الفرنسيّ بشأن وقف الحرب في لبنان.
Advertisement
]]>
ومن المُرجّح أنّ تتكثف الحركة السياسيّة خلال مهلة الشهرين لانتخاب رئيسٍ، كما يتمّ التعويل على حراك فرنسيّ مُتجدّد لإعادة تحريك الملف الرئاسيّ. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ المبعوث الأميركيّ آموس هوكشتاين عراب الإتّفاق بين لبنان وإسرائيل شدّد في العديد من المناسبات على أهميّة أنّ يكون للبنان رئيس، يُدير المُفاوضات ويُطلق عجلة الإصلاحات بعد تشكيل حكومة جديدة. كذلك، فإنّ الأنظار تتّجه نحو لبنان لإنجاز هذا الإستحقاق الدستوريّ والإستفادة من الهدنة التي ستُؤدّي في نهاية المطاف إلى استقرار أمنيّ إذا لم يخرق أيّ من الأطراف شروط التهدئة.
ولكن تبقى هناك تساؤلات كثيرة عن الطريقة التي سيتمّ فيها إنتخاب الرئيس، فهل سيدعو برّي لجلسة من دون حوارٍ أو أقلّه توافق على أحد المرشحين؟ وما الجدوى من فتح البرلمان أمام النواب إذا بَقِيَت الأصوات مُنقسمة بين رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، ومرشّح المعارضة جهاد أزعور أو أيّ أحد سواه؟
والسؤال الأبرز هو إذا بدّل “حزب الله” من طريقة تعاطيه مع الإستحقاق الرئاسيّ، وأصبح مستعدّاً للبحث بأسماء وسطيّة تنال دعم المعارضة وإمكانيّة تنازله عن ترشيح فرنجيّة، وخصوصاً بعد الحرب التي كلّفته كثيراً وأدّت إلى استشهاد أمينه العامّ حسن نصرالله الذي أعلن باسم “الحزب” عن تأييده لرئيس “المردة”. إضافة إلى ذلك، فإنّ الشيخ نعيم قاسم لم يُوضح حقيقة موقف كتلة “الوفاء للمقاومة” من الإنتخابات الرئاسيّة، واكتفى في آخر إطلالة له بالتأكيد أنّ “حزب الله” سيُمارس دوره الفعّال في إيصال الرئيس وفق الدستور.
وهناك أيضاً مشكلة تتعلّق بالنواب “الرماديين” أو الذين يُطلقون على أنفسهم تسميّة “الوسطيين”، وهؤلاء لا يزالون من دون مُرشّح واضحٍ، وأصواتهم كفيلة بنيل أحد المرشّحين أكان فرنجيّة أو أيّ أحد سواه 65 صوتاً في الدورة الثانيّة، وإنهاء أزمة الشغور.
وكما هو ظاهر حاليّاً، فإنّه بعد إعلان هدنة الـ60 يوماً التي ستسبق الإتّفاق النهائيّ على وقف الحرب في لبنان، فإنّه ليس من المتوقّع أنّ يشهد اليوم أو الأسبوع الأوّل من سريان وقف النار إنتخاب الرئيس، فهناك حاجة لمُحادثات كثيرة للتوصّل إلى هويّة مرشّح جامعٍ، والمعارضة و”التيّار الوطنيّ الحرّ” مستعدّان للسير بأيّ شخصيّة وسطيّة إنّ كان هدفها حماية سيادة لبنان وتعزيز دور الدولة والجيش، ومُعالجة الأزمات الماليّة والإقتصاديّة والمعيشيّة، بينما المُعضلة الأبرز تتمثّل بتعامل “حزب الله” بليونة مع بقيّة الكتل النيابيّة الطامحة للتوافق، وأنّ يُخفّف من شروطه ويتراجع عن تأييد فرنجيّة.
إذاً، لا تزال هناك عقبات كثيرة تحول دون انتخاب الرئيس، وهدنة وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب لا تعنيان بالضرورة أنّ أزمة الشغور تقترب من النهاية، فالعقد لم تُحلّ، والنواب ينتظرون موقفاً من “حزب الله” إمّا يُبنى عليه إيجابيّاً، وإمّا يُطيل الفراغ الرئاسيّ.