يواظب مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسبوعين أو أكثر ترداد أن المرشد الأعلى لجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي “دخل في غيبوبة اثر جلطة دموية حادة تعرض لها” وأن السلطة الإيرانية “تعيش حالة من الإرباك تنذر بحصول نزاع حاد بين أركانها” وزاد هؤلاء المغردون أن مجلس خبراء القيادة الإيراني الذي كان خامنئي قد استقبله قبل اسابيع، اجتمع وأختار السيد مجتبى خامنئي نجل المرشد ليكون خليفة لوالده في موقع المرشدية وقائداً للثورة الاسلامية الايرانية.
واكثر من ذلك ذهب المغردون الى التغريد بعبارات من التشفي والشماتة والشتيمة وحتى التحقير بما ينال من المرشد نفسه ومن القيادة الايرانية، وتحدثوا عن أن إيران تتجه إلى مرحلة من الاضطراب التي ستؤدي في رأيهم شيئا فشيئا إلى سقوط النظام أو ما يسميه البعض “نظام الملالي” الذي يتهمونه بأن يتحمل مسؤولية كل المكلات التي تعاني منها المنطقة منذ انتصار الثورة التي قادها الامام الخمبني عام 1979 من القرن الماضي.
لكن اللافت ان بعض الاوساط السياسية اللبنانية الوثيقة الصلة بالموقف الاميركي ماشت هذه التغريدات حول غيبوبة السيد خامنئي بل صدقتها الى درجة تثبر الشبهة في ان تكون هي من اوحى للمغردين بها.
وتحدثت هذه الاوساط بجدية عن الموضوع كما لو ان الخامنئي “ميت سريريا” شارحة ما سيكون عليه مستقبل الوضع الإيراني في ضوء العلاقة العدائية القائمة بين الولايات المتحدة الاميركية ونظام الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ نشوئه وما كان من ازمة الرهائن الاميركيين الذين احتجزوا في مقر السفارة الاميركية في طهران اثر اسقاط الثورة الايرانية لنظام الشاه محمد رضا بهلوي.
وتقول هذه الاوساط أن مجتبى خامنئي الذي سيتولى في رأيها المرشدية والقيادة خلفا لوالده “سيجعل لإيران إدارة جديدة وسيكون له خصومه والمؤيدون”، إلى درجة أن هذه الأوساط قرأت في المواقف التي إعلنها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة ما معناه أن الحزب لم يعد مرتبطا بإيران، وتحدث عن إعادة اعمار ما هدمته الحرب ولا تزال، من دون ان يذكر من أين سيأتي بالمال لدفع كلفة هذه الفاتورة الاعمارية الضخمة، وكذلك لم يأت على ذكر التعهد الإيراني الذي كان تبلغه المسؤولون في الدولة اللبنانية ، كما تبلغت قيادة الثنائي الشيعي من القيادة الايرانية وموفديها الى لبنان وهو أنها ستتكفل بتقديم كل الكلفة الاعمارية سواء ساهم فيها آخرون او لم يساهموا.
وذهبت هذه الأوساط إلى الحديث عن وجود “شرخ كبير” في العلاقة ين حزب الله والقيادة الإيرانية نشأ على هامش الحرب الدائرة حاليا والتي فقد فيها الحزب أمينه العام السيد حسن نصرالله وأركان “مجلسه الجهادي”. بل ان الأوساط تحدثت عما سمته “انشطارا” في العلاقة بين الجانبين.
لكن في المقابل فإن مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف الإيراني وكذلك على موقف في حزب الله تنفي حديث المغردين عن “غيبوبة” السيد خامنئي جملة وتؤكد أن الأمر عار من الصحة وأن الرجل يقوم يوميا بمسؤوليته في شكل طبيعي. ولتأكيد صحة كلامها لفتت المصادر الديبلوماسية إلى تغريدة نشرها باللغة العبرية على موقعه الالكتروني قبل أيام وعلق فيها على أمر المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت بتهمة الإبادة الجماعية في غزة حيث قال فيها: “يجب محاكمة جميع قادة العصابة الصهيونية الارهابية المجرمة”.
كذلك استشهدت المصادر باستقبال خامنئي في 17 تشرين الثاني الجاري السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني الذي قالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية “إرنا” انه
قدّم له تقريرا عن وضعه الصحي بعدما أصيب في عينه ويده في تفجير اجهزة “البايجر”، في ايلول الماضي، وهو يستعد للعودة الى رأس عمله في بيروت قريبا، وقد نشرت وكالة “ارنا” صورة للقاء بينهما.
كذلك استهدت المصادر الديبلوماسية لدحض المزاعم عن غيبوبة المرشد ما نشرته وكالة “إرنا” من رسالة وجهها “إلى الشعب اللبناني الصامد والمقاوم” وقال فيها: “نحن لسنا منفصلين عنكم. نحن معكم. نحن وأنتم واحد. اننا نتشارك معكم في آلامكم ومعاناتكم وأوجاعكم. نحن نتألم معكم ونشعر بنفس مشاعركم.”
وتشير المصادر الديبلوماسية الى ان كثيرين دولا ومنظمات واحزاب وحتى افراد يناصبون العداء للنظام الايراني خاضوا وتحدثوا منذ سنين وما زالوا يتحدثون عن صحة السيد خامنئي وخلافته وينسجون سيناريوهات كثيرة ويفترضون ان غيابه اذا حصل سيدخل الجمهورية الاسلامية الايرانية في ازمة نظام، وخصوصا عندما يثيرون الامر من زاوية ان السيد مجتبى نجل المرشد سيحل مكانه مصورين ان في الامر وراثة وتوريثاً، فيما ليس في نظام الجمهورية الاسلامية شيء اسمه التوريث، ولو كان الامر كذلك لكان الامام الخميني اورث موقعه لنجله احمد الخميني الذي توفي بعد سنوات من رحيل والده ولم يكن له اي منصب في النظام.علما انه معروف في ايران كيف يتم اختيار المرشد عندما يخلو موقعه، وهذا الاختيار بعيد كل البعد عن التوريث ولا يطاول عائلة المرشد على الاطلاق سواء فقد الاهلية العقلية او توفي.