في بموازاة متابعة تنفيذ اتفاق وقف النار، تبدأ في الايام المقبلة حركة مشاورات نيابية ناشطة بين مختلف الكتل بعد الدعوة التي وجهها الرئيس بري لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية في ٩ كانون الثاني المقبل .
وقال مصدر نيابي مطلع امس ان الكتل النيابية باشرت تحديد مواعيد في ما بينها للتباحث والتشاور في هذا الاستحقاق، سعيا الى التوافق او التوصل الى مقاربة ايجابية وجادة لتكون جلسة الانتخاب المقبلة جلسة حاسمة ومنـتجة .
واضاف ان الحركة النيابية المرتقبة ستجري في اجواء جادة لان الوقت حان لانتخاب الرئيس بعد كل ما جرى، لافتا الى ان هناك فرصة حقيقية اليوم لتحقيق هذا الهدف، بعد دعوة الرئيس بري للجلسة ووضعه الجميع امام مسؤولياتهم .
ولفت المصدر ل” الديار” «ان الرئيس بري بدعوته هذه وفى بالوعد الذي كان اعلنه في وقت سابق منذ اسابيع، وقام بواجبه الدستوري، كما فعل في دعواته لسلسلة الجلسات السابقة، ولم يعد هناك من سبب للانتظار بعد وقف النار او الرهان على اي استحقاق» .
واضاف « لم يعد هناك حجة او عذر لاي كتلة بعد دعوة الرئيس بري لمقاربة هذ الاستحقاق من دون التواصل المفتوح بين الجميع، لا سيما في ظل ما تمر به البلاد من منعطف صعب ومصيري يحتاج اولا واخيرا الى سياسة فتح الابواب بين الكتل كافة”.
كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ “الديار” ان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان « لم يتطرق الى الاسماء المرشحة خلال لقاءاته التي اجراها في زيارته للبنان، لكنه حث الكتل النيابية على تنشيط التواصل فيما بينها لانتخاب رئيس الجمهورية في جلسة الانتخاب المقبلة”.
واضافت انه توسع في هذا الشأن ليقول « انتم معنيون باختيار الرئيس وانتخابه، ويمكن ان تتفقوا على اسمين او ثلاثة واذهبوا الى الجلسة وانتخبوا الرئيس من بينهم».
واشارت المصادر الى ان الرئيس الفرنسي حرص على ايفاد لودريان الى لبنان مباشرة بعد اعلان اتفاق وقف النار لامرين : اولا التأكيد ان فرنسا هي شريك اساسي في المفاوضات والتوصل الى هذا الاتفاق وانها معنية في تنفيذه كاملا، وثانيا ان الدور الفرنسي في ملف الرئاسة هو دور مهم كون فرنسا متابعة لهذا الملف منذ البداية وهي قادرة على التواصــل المباشر مع الجميع في لبنان دون استثناء، وهي تعرف جيدا الوضع السياسي الداخلي والتوازنات السياسية والنيابية، وبالتالي يمكن ان تؤدي دور الميسر والضاغط في ان معا لحسم انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة .
واوضحت المصادر ان لودريان سيعود الى بيروت مرة اخرى قبل موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، في زيارة يعول عليها لبلورة اجواء ايجابية في ضوء المشاورات النيابية وفي اطار متابعة اللجنة الخماسية
وفي شأن الاسماء المرشحة، ذكرت مصادر مطلعة ان التداول في الاسماء ما زال يكتنفه جو ضبابي، لكنها قالت ان حركة المشاورات النيابية المرتقبة على غير صعيد ستشهد غربلة الاسماء المطروحة التي يتراوح عددها بين ٥ و٧ اسماء، وانه من المتوقع ان تنحصر هذه الغربلة تدريجا في الاسبوعين المقبلين بحيث يتبلور الاسم او الاسمان المرجحان .
واضافت ان من السابق لاوانه القول ان هناك اسما مرجحا اليوم، لكن المرشح القوي في ضوء كل ما حصل يحتاج الى اجماع او شبه اجماع داخلي والى ان يحظى بقبول او تأييد دولي وعربي لينطلق في المرحلة المقبلة بزخم قوي .
وقال مصدر ديبلوماسي لـ «الأنباء الكويتية»: «يضغط الاتحاد الأوروبي في اتجاه إنجاز الملف الرئاسي في هذه المرحلة بالتحديد. ومن الضروري الاستفادة من الفرصة السانحة التي قد لا تتكرر لإعادة بناء الدولة، ولا يجوز إهدارها بعدم إنجاز الملف الرئاسي أو تأجيله، لأن ذلك يعني ان البلاد ستدخل من جديد في حالة من الاسترخاء السياسي يعيدها إلى ما كانت عليه من انقسام وربما أسوأ».
وأضاف المصدر: «من الضروري التوافق على رئيس أيا يكن المرشح، لأنه سيكون قويا بقوة الإجماع والدستور، وبانتصار الشرعية له وليس بانتصار فريق على آخر، حتى لا تتكرر تجربة العام 1982 التي أحدثت شرخا أدى إلى انفجار دفعت خلاله البلاد أثمانا غالية وموجة عنف دموية استمرت حتى إقرار اتفاق الطائف العام 1989، والذي طوى صفحة الحرب الأهلية إلى غير رجعة وان لم يطبق في كل بنوده».
ورفضت مصادر نيابية الدخول في لعبة الأسماء وتحدثت إلى «الأنباء» عن «فترة زمنية كافية لخلق إطار من التفاهم ينتج رئيسا توافقيا».
وأضافت: «لو كان التوافق حاصلا أو كانت إمكانية التوافق متوافرة اليوم لحددت جلسة الانتخاب خلال أسبوع. وتحديد الجلسة في 9 يناير 2025 من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن بقرار منفرد، بل جاء من خلال التواصل مع عدد من الأطراف المحلية والمهتمين من القوى الدولية والاتحاد الأوروبي».