كتب رفيق خوري في” نداء الوطن”: سقوط بشار الأسد ليس مجرد سقوط نظام. إنه سقوط مرحلة دامت 61 سنة من حكم جاء به انقلاب عسكري باسم “ثورة 8 آذار البعثية” في ظروف الانقلابات العقيدية والتي تبدلت وصار النظام خارج حركة التاريخ والواقع الشعبي في سوريا. ولا حدود للتغيير، بصرف النظر عن الشكل الذي يأخذه النظام الجديد. ففي الغزو الأميركي للعراق عام 2003 انهار السد المانع لاندفاع “الثورة الخمينية”. وفي التقارب ثم التحالف بين دمشق وطهران انفتحت كل الطرق والأبواب أمام النفوذ الإيراني ثم النفوذ الروسي إلى جانب النفوذ التركي والنفوذ الأميركي وحرية الحركة الجوية أمام إسرائيل. الآن أُعيد الاعتبار إلى الموقع السوري الطبيعي: إيران في الخارج، الحشد الشعبي العراقي في الداخل العراقي، “حزب اللّه” خارج سوريا ومن دون طريق مفتوح لتسليحه إيرانياً وفي مشكلة مع وضع لبناني مطلوب أن يعيد تكوين السلطة بما يناسب طبيعة لبنان وتاريخه. لا بل إن المشروع الإقليمي الإيراني الذي عمل له “محور المقاومة” في حرب غزة وحرب لبنان وصواريخ الحشد الشعبي العراقي والحوثيين في اليمن دقت ساعة نهايته. وكل شيء قابل للمراجعة. ومن مستقبل الدور الروسي إلى مستقبل الدور الأميركي.
ومن عودة التركيز على خطر”داعش” إلى التسوية السياسية التي لا تزال غامضة لأن المساحة الفاصلة بين سقوط نظام الأسد وبين ولادة النظام الجديد ليست واضحة. فالذين أسقطوا النظام هم مجموعات متعددة أدارها حتى الآن “مايسترو” تركي ومعه أميركي وربما روسي، وجعل سلوكها مختلفاً عمّا حدث في سنوات الحرب. وتفكيك ما بناه النظام الساقط يحتاج إلى وقت. ولا بدّ من ضمانات وشراكات وطنية تتجاوز التطمينات حول الملف الكردي وملف الأقليات في أكثر من محافظة إلى جانب ملف الساحل السوري. فضلاً عن ملف المعتقلين والضحايا. إذ حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان بلغ عدد المعتقلين منذ 2011 نحو 969854 بينهم 155 ألف إمرأة، أما الباقون فإنهم 152.713 بينهم 41.312 ألف امرأة. والحد الأدنى للخسائر التي قدرها المركز السوري للبحوث السياسية هو 530 مليار دولار حتى العام 2020.
والموقف دقيق جداً بالنسبة إلى ترتيب العلاقات العربية والدولية مع الوضع السوري الجديد، كما إلى فتح الصناديق أمام إعادة الإعمار. وهو أكثر دقة بالنسبة إلى الألغام التي تركها النظام في الوضع الداخلي. والتطوّرات لا تزال متسارعة.