كتب عمار نعمة في”اللواء”: كان مظهر دولة بامتياز ذلك الذي بدا خلال تلاوة الرئيس الجديد للجمهورية جوزاف عون خطاب القسم أو “النصر”.
لناحية الآني من التحديات، تبرز دعوته إلى استشارات نيابية سريعة لتكليف رئيس حكومة. وبغض النظر عمن سيأتي فإن التوجه، حسب المتابعين، هو نحو حكومة سياسية وليست رمادية لناحية مزج السياسيين بالتكنوقراط. هنا ثمة صعوبات ستبرز في موضوع توزيع الحقائب وطبيعتها، بتعبير آخر مبدأ المداورة.
لكن بغض النظر عن ذلك فإن رئيس الجمهورية تحدث عن اعادة هيكلة الادارة العامة والمداورة في وظائف الفئة الأولى، وتعيين الهيئات الناظمة، بما يمكن من تحصينها في وجه الفساد.
نأتي إلى القضايا السيادية الكبرى: تشديد على كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للدفاع، في سبيل مفاجأة اطلقها عون في الخطاب، احتكار حمل السلاح.
صحيح ان الشعار ليس جديدا، لكن اطلاقه في هذه المناسبة في موازاة شعارات بالغة الأهمية منها ضبط الحدود وتثبيتها جنوبا وترسيمها شرقا وشمالا وبحرا، ومنع التهريب ومحاربة الإرهاب وتطبيق القرارات الدولية واحترام اتفاق الهدنة ومنع الاعتداءات الاسرائيلية، كلها شعارات تتخذ دلالاتها مع المرحلة الجديدة التي تحدث عون عنها ويعلمها الجميع، فكيف اذا اضيفت إليها لازمة خوض الحروب وفقا لأحكام الدستور بعد حرب مدمرة عاناها لبنان؟
لم يأت على ذكر مصطلح المقاومة ومثلها الاستراتيجية الدفاعية، لصالح سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني على المستويات الديبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، مع تشديد مثّله تكرار واجب الدولة على إزالة الاحتلال الإسرائيليورد عدوانه.
طبعا دغدغ الخطاب مشاعر بيئة المقاومة مع تأكيده على مواجهة الاحتلال والتعهد بإعادة اعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي “بشفافية”، والالتزام بالأسرى الذين “هم امانة في اعناقنا”، ليلحق بذلك في الخطاببأنه “آن الأوان لنراهن على لبنان في استثمارنا لعلاقاتنا الخارجية، لا ان نراهن على الخارج في الإستقواء على بعضنا البعض”.
الرسائل للدول الخارجية كانت حاضرة سواء برفض التوطين حفاظا على حق العودة وتثبيتا لحل الدولتين او مع ذكر مبادرة السلام العربية التي اقرتها القمة العربية في بيروت العام 2002، ارتباطا بالتمسك بحق الدولة اللبنانية في ممارسة سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية ومن ضمنها مخيمات لجوء الفلسطينيين لكن مع تاكيد الحفاظ على كرامتهم الانسانية.
وكانت دعوة للمرة الأولى إلى بناء الشراكات الاستراتيجية مع دول المشرق والخليج العربي وشمالي إفريقيا. هنا كانت لافتة الدعوة إلى منع اي تآمر على انظمتها وسيادتها وممارسة سياسة الحياد الإيجابي، وهذه جديدة تعني عدم الارتباط مع حروب ومشاكل المنطقة، والتعهد بعدم تصدير “سوى افضل ما لدينا”، في دلالة على مواجهة تصدير كل ما هو غير شرعي.
تلك الوعود قد تشكل عبئا على العهد في حال حاربته الطبقة السياسية او لنقل لم تتجاوب معه في الحد الأدنى، وسيكون المحك الأول تشكيل الحكومة الأولى لعهد عون والتي تدل المؤشرات إلى انها ستكون جد معقدة!