يستمر الكباش بين “حزب الله” والعدوّ الاسرائيلي حول مرحلة ما بعد 18 شباط الجاري، إذ إن “الحزب” يضغط على الدولة اللبنانية لرفض أي تمديد إضافي لمهلة الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، في حين أن اسرائيل تعتبر أن التزامها الكامل بالقرار سيُمكّن “حزب الله” من ترميم قدراته بشكل جدّي وسيعود للتمركز من جديد على الحدود. لذلك بدأت اسرائيل تُسرّب مُجدداً فكرة استمرار احتلالها للجنوب لمدّة اضافية تمتدّ لعشرة أيام، وأنّ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قد طرح ذلك على الرئيس الاميركي دونالد ترامب من دون تسريبات تؤشر الى طبيعة الموقف الاميركي من مطلب نتنياهو. لكن من الواضح أن الاميركيين يصرّون على انسحاب اسرائيل من كامل الاراضي اللبنانية لأنهم ينظرون الى المشهد بشكل كامل ويريدون إنجاح تجربة حلفائهم السياسيين داخل لبنان.
تعتقد مصادر سياسية مطلعة أن “حزب الله” سيكون مستفيداً في كلتا الحالتين؛ الحالة الاولى أن انسحاب اسرائيل سيصبّ في مصلحته، حيث سيبدأ اولى مراحل اعادة الإعمار وينتقل تدريجياً للتمركز عند الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وإن من دون أسلحة ثقيلة، عبر عناصره الذين هم أهالي قرى الجنوب.
اما في الحالة الثانية فإنّ عدم انسحاب اسرائيل سيزيد من شرعية “الحزب” ويُنهي كل حديث عن القرارات الدولية القادرة على ردع العدوّ الاسرائيل عن أي عدوان وحماية سيادة لبنان.
امام هذا المشهد يمكن القول بأنّ استمرار الاحتلال الاسرائيلي مع كل الخروقات التي ينفّذها لقرار وقف اطلاق النار بات جزءاً من المعادلة السياسية الداخلية وغير مرتبط فقط بالصراع بين الطرفين، وبالتالي فإنّ اسرائيل هي جزء من الضغوط التي تُمارَس على “حزب الله” لإجباره على تقديم التنازلات السياسية في الداخل اللبناني، الا أن كل المؤشرات تؤكد أن هذه المحاولات باءت بالفشل حتى اللحظة وخصوصاً بعد تجربة تشكيل الحكومة الجديدة حيث تمكّن “حزب الله” من الحصول على كل مطالبه رغم كل الضغوط الاعلامية والسياسية.
وترى المصادر أنّ اسرائيل لديها مؤشرات واضحة الى أن “الحزب” يعمل على ترميم قدراته، وهذا الامر يشكّل لها قلقاً جدياً فكيف يستطيع “الحزب” اعادة بناء نفسه والتعافي بشكل كامل رغم الحصار الذي يعاني منه من كل اتجاه، سواء من الساحة الداخلية أو السورية أو من التهديدات الاسرائلية جوّاً، لذلك فإن اسرائيل لا تزال تنفّذ ضربات تُحرج خصوم “الحزب” في الداخل والولايات المتحدة الاميركية الراعية لاتفاق وقف اطلاق النار.