يقترب موعد الانتخابات البلدية ثم تليها الانتخابات النيابية في أهمّ مرحلة مرّت منذ سنوات على لبنان، وهذه الانتخابات ستحدّد توجّه لبنان السياسي والتوازنات الداخلية فيه على مدى السنوات المُقبلة. لكن ما هو واقع القوى السياسية اللبنانية وتحديداً “التيار الوطني الحرّ” الذي أعلن رئيسه جبران باسيل أمس أنه لن يشارك في الانتخابات البلدية
من الواضح أن “التيار” لا يريد المشاركة لأسباب كثيرة، أهمّها اهتزاز الثقة لديه بأنه سيكون قادراً على تحقيق إنجازات. اضافةً الى أنه يتحاشى انكشاف واقعه الشعبي لأن ذلك من شأنه أن يؤثّر سلباً على الاستحقاق النيابي التي يسعى أن يكون لصالحه مستغلاً الوقت لتحسين ظروفه خلال موقعه في المعارضة لمدّة عام سيلجأ خلاله بلا شكّ الى إبراز خطاب شعبويّ.
لكنّ “التيار الوطني الحرّ” الذي استطاع بتحالفه في مرحلة سابقة مع “حزب الله” الحفاظ على عدد لا بأس به من النّواب من المتوقّع أن يخسره في الانتخابات المقبلة، وهذا الأمر سيقلّل من حجم كتلته النيابية التي ستصبح غير مؤثرة، إذ بعد انتهاء الحرب كانت كل المؤشرات توحي بأن “التيار” قد انتهى سياسياً، إلا أنه استطاع الاستفادة من كتلته ليشكّل “بيضة القبّان” التي رجّحت كفّة رئيس الحكومة نوّاف خلال جلسة التسمية، لكنّ الأخير لم يحفظ ذلك لباسيل وأمعن في استبعاده عن المشهد بشكل فاقع.
من هنا فإنّ كرة “بيضة القبان” ستخرج من ملعب باسيل، ذلك لأنه بكتلة نيابية صغيرة سيكون عاجزاً عن لعب هذا الدور، كما أنّ “التيار” سيخسر أيضاً تحالفه مع “حزب الله”، إذ من المُرجّح عدم حصول تحالف انتخابي بين الطرفين، وبالتالي ستختلّ كتلته لجهة العدد ما سيؤدي أيضاً الى عدم حاجة “حزب الله” الى هذه الكتلة خصوصاً إذا ما تمكّن من إيصال عدد من النواب المسيحيين بنفسه ما يؤمّن له غطاءً مسيحياً من دون الحاجة الى “التيار”.
بالنتيجة، من المتوقّع أن تتقلّص كتلة “التيار” ويصل النواب فيها الى عدد ضئيل جداً، وهذا ما سيخرجه من المعادلة السياسية ويجعل منه حزباً محدود القدرات السياسية شأنه شأن أحزاب أخرى أو شأن شخصيات استطاعت ايصال عدد من النواب.
وهنا يصبح الحديث عن كتل مسيحية متناثرة أمام كتلة مسيحية ثابتة وهي كتلة “القوات اللبنانية” بصرف النظر عن عدد النواب الذين ستتمكّن من إيصالهم الى المجلس.