باسيل يحتاج إلى دعم حزب الله الانتخابي أكثر من أي وقت مضى

20 مارس 2025
باسيل يحتاج إلى دعم حزب الله الانتخابي أكثر من أي وقت مضى

على رغم التحفظات الكثيرة التي أبدتها جهات سياسية معنية بالشأن العام على الطريقة التي تمّت فيها التشكيلة الحكومية فإن استبعاد كل من “التيار الوطني الحر” وتيار “المردة” عن هذه التشكيلة الهجينة يمكن اعتباره “ضربة معلم”، وذلك لضمان عدم انضمام كل من وزراء التيارين المسيحيين إلى خيارات “الثنائي الشيعي” في ما لو لم تتطابق حسابات الحقل الميداني مع بيدر الحلول الديبلوماسية، التي ستجد الحكومة نفسها مضطرة لاتخاذها، مع ما يمكن أن يشكّله هذا التحالف الثلاثي من قوة ضاغطة على الحكومة لجهة تحديد خياراتها السياسية من خلال ما يُعرف بـ “الثلث المعطّل”، الذي تعاظم دوره نتيجة “تسوية الدوحة” في الحكومات التي تعاقبت منذ العام 2008 حتى الأمس القريب.

فالتجارب السابقة لا تشجّع كثيرًا على مجاراة النائب جبران باسيل في قوله بأن القوى السياسية “لم ترد أن يكون التيار داخل الحكومة لأنها تخشى قراره الوطني الحر، وليس بسبب الخوف من تشكيلنا الثلث المعطّل كما يروج البعض. فهذه القوى تدرك جيدًا أننا لسنا على تفاهم مع “حزب الله”، وهذا الأمر بات واضحًا منذ مدة طويلة، لا سيما منذ العام 2022”. وما يقود هذه “القوى السياسية”، التي خاطبها النائب باسيل بصفة “المجهول”، إلى الاعتقاد بعكس ما يقدمه نائب البترون من مبررات غير مقنعة لاستبعاده عن حكومة العهد الأولى هو أن الانتخابات النيابية قد أصبحت “على الباب”، وأن “التيار الوطني” في حاجة ماسّة إلى القوة التجييرية الشعبية التي يملكها “حزب الله” في المناطق المختلطة التي تراجعت فيها حظوظ “التيار” الانتخابية، خصوصًا بعدما تقلص عدد نوابه بعد انسحاب كل من النواب الياس أبو صعب والآن عون وإبراهيم كنعان وسيمون ابي رميا  من صفوفه، ولم يعد يشكّل بالتالي قوة ضغط مسيحية يمكن لـ “الحزب” الاعتماد عليها في مراحل متقدمة من مراحل استعادة دور سياسي محوري للاستعاضة به عمّا فقده من أدوار عسكرية.

فلولا تجيير “حزب الله” للأصوات الشيعية لمصلحة مرشحي “التيار الوطني الحر” في المناطق التي يُعتبر فيها الصوت الشيعي مؤثّرًا أكثر من غيره بسبب أنه يصبّ كـ “بلوك” واحد في اتجاه مرشح محدّد لكي يؤمن له أكبر عدد ممكن من الأصوات التفضيلية بالتوازي مع رفع نسب الحواصل للوائح التي يخوض بها “التيار” معاركه الانتخابية. وفي التقديرات الناتجة عن بعض الاحصائيات الدقيقة والعلمية فإن “التيار الوطني الحر” لم يكن ليحصل على هذا العدد الفضفاض من النواب لو لم يقف “حزب الله” إلى جانبه ويعمل على إيصال عدد كبير من نواب “التيار” إلى الندوة البرلمانية. في المقابل فإن باسيل لم يقدّم لـ “الحزب” سوى خدمة انتخابية واحدة ووحيدة، حيث ضمن له وصول مرشحه في منطقة جبيل. وهذا ما ضمن له عدم تسجيل أي خرق لأي مرشح شيعي من خارج صفوف “الثنائي الشيعي”، فجاءت نتيجة الانتخابات بفوز 27 نائبًا شيعيًا محسوبين على ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”.

ولأن حاجة باسيل إلى قوة “حزب الله” التجييرية في الانتخابات النيابية المقبلة هي أقوى من أي حاجة أخرى فإن الضرورات الانتخابية ستبرّر له ما كان يعتبره من المحظورات في مراحل سابقة من مراحل تعامله السياسي المشترك، التي لم تخلُ محطة واحدة من محطاتها من “الطلعات والنزلات”، والتي كان السيد حسن نصرالله يضمن بنفسه، وقبل استشهاده، عدم خروج هذه العلاقات عن إطارها الطبيعي، نظرًا إلى العلاقة الاستثنائية التي كانت تجمعه بالرئيس ميشال عون قبل “حرب “الاسناد والمشاغلة”.

ولأن حاجة باسيل إلى الدعم الانتخابي في أكثر من دائرة انتخابية فإنه سيجد نفسه مضطّرًا إلى عودته الطوعية إلى “بيت الطاعة”، وإلى مسايرة “حزب الله”، لأنه يدرك تمامًا أنه من دون هذا الدعم لن يستطيع أن يؤّمن العدد الكافي من النواب لكي يتمكّن من استعادة ما فقده من شعبية على الساحة المسيحية أولًا، وعلى الساحة النيابية ثانيًا. ومن دون هذه الاستعادة يكون نجم باسيل قد بدأ بالأفول، خصوصًا أن ثمة من يتحدّث أنه بمجرد إدخال أي تعديل في القانون الانتخابي الحالي لجهة بند الصوت التفضيلي واستبداله بصوتين تفضيليين فإن حظوظ باسيل في الوصول إلى الندوة البرلمانية في ربيع السنة المقبلة تتراجع إلى ما نسبته 20 في المئة عمّا كانت عليه سنة 2022. ولم يعد خفيًّا أن بند الصوت التفضيلي قد فُصّل على قياسه في حينه. ولولا هذا الصوت لما استطاع أن يصل إلى عتبة الحواصل التي مكّنته من الوصول إلى عتبة البرلمان.