هل تتجاوب الحكومة مع مسار التفاوض المدني المباشر؟

20 مارس 2025
هل تتجاوب الحكومة مع مسار التفاوض المدني المباشر؟

تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا متزايدة على الحكومة اللبنانية لدفعها نحو مسار تفاوضي مباشر مع إسرائيل، ولو بوفود مدنية بدلًا من العسكرية. لكن تحقيق نتائج فعلية من هذه الضغوط لا يبدو أمرًا سهلًا، فحتى الأطراف السياسية المعارضة ل”حزب الله” تتعامل بحذر مع أي خطوة توحي بالتطبيع، إدراكًا منها لحساسية القضية في الداخل اللبناني.

الفرق بين الضغط على حزب الله والذهاب إلى التطبيع واضح، إذ أن الأول قد يكون مقبولًا لدى بعض القوى السياسية وحتى بعض الفئات الشعبية، بينما الثاني يمثل زلزالًا سياسيًا لا تستطيع السلطة تحمله. المشكلة لا تتوقف عند “حزب الله”وحده، بل تشمل قطاعات واسعة من اللبنانيين الذين يعتبرون أي خطوة في هذا الاتجاه مسألة تمس بالهوية الوطنية وشرعية الموقف اللبناني التقليدي. وهذا ما يجعل السلطة اللبنانية مدركة تمامًا للمخاطر التي قد تنجم عن أي تحرك جدي في هذا السياق.

الإدارة الأميركية، خاصة في ظل سياسة ترامب، لا تعطي وزنًا كبيرًا لهذه التوازنات الداخلية، بل تتعامل مع الملف من منظار الإنجاز السياسي عبر فرض الإخضاع. هذا النهج لا يأخذ بعين الاعتبار التعقيدات اللبنانية، بل يزيد من فرص الانفجار الداخلي، سواء عبر اضطرابات سياسية واسعة أو حتى تصعيد أمني، وهو ما قد يعيد سيناريوهات سابقة من المواجهة المباشرة أو الحرب الإسرائيلية على لبنان.

في ظل هذه المعادلة، من الصعب تصور أن الضغوط الأميركية ستؤدي إلى تحقيق اختراق حقيقي، على الأقل في المدى المنظور. السلطة اللبنانية ليست في موقع يسمح لها بخطوة بهذا الحجم، ليس فقط بسبب الموقف الداخلي، بل أيضًا لأن أي تغيير في الموقف اللبناني يحتاج إلى غطاء إقليمي غير متوفر في اللحظة الراهنة. وبالتالي، فإن الحديث عن دفع لبنان نحو تفاوض مباشر، مهما كانت طبيعته، يبقى أقرب إلى المناورة السياسية منه إلى الواقع الفعلي.