بدأت مخاطر جدّية تلوح في الأفق اللبناني تهدّد السّلم الأهلي، وهذه المخاطر تكمن في بعض التفاصيل السياسية التي تريد الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام تنفيذها والتي يعترض عليها “حزب الله” بشكل حاسم، لا بل ينوي أن يمنع حصولها مهما كلّف الأمر.
ولكن، حتى الأمور التي ترفضها الحكومة ستدفع نحو أزمة فعلية؛ فالضغوط الأميركية بهدف البدء بمحادثات مدنية مباشرة بين لبنان وإسرائيل قد تفجّر الحكومة في اللحظة التي ستجد نفسها مضطرّة للرضوخ للمطلب الاميركي بعد الاعتراض. وهذا الأمر لن يمرّ بالسلاسة المرجوّة إذ من المتوقّع أن يتصدّى “حزب الله” له بكل الوسائل المُتاحة، الا أنّ لا معلومات جدية توحي بمستوى ردّ الفعل الذي سيبادر اليه “الحزب”.
من جهة أخرى، فإنّ التحرّكات الشعبية المؤيّدة للحكم الجديد في سوريا في بعض المناطق اللبنانية قد تشكّل مدخلاً واسعاً للاشتباك السياسي والاعلامي وربّما الأهلي في إطار رفض “حزب الله” التعاطي بهدوء مع التطورات السورية، فهو بالرغم من كونه لا يتدخّل عسكرياً الا أنه لا يهادن نظام الشّرع بشكل كامل.
كلّ ذلك من شأنه أن يؤدي الى توتّرات جدية، سيما وأن الضغوطات العسكرية من قبل العدو الاسرائيلي والتي تُظهر تمادياً واضحاً بلا أيّ ضوابط ستنعكس حتماً على بيئة “الحزب” التي قد تنفجر من دون قرار رسمي، علماً أن لبنان الرسمي وتحديداً رئيس الجمهورية جوزاف عون يعرف الموازين والمخاطر جيداً ويحاول جاهداً تجنّبها. لكنّ حاجة الدولة اللبنانية الى الرضى الغربي ستجعل من إيجاد نقاط مشتركة بين “الثنائي الشيعي” وحكومة سلام من جهة والعهد الجديد من جهة اخرى أمراً مستحيلاً، ما سيدفع أيضاً نحو الانفجار في لحظة ما.
كلّ ما تقدّم يوحي بأنّ الساحة الداخلية على فوهة بركان، فما بين الضغوط السياسية والعسكرية والأزمة الاقتصادية وكلّ التحدّيات الواضحة قد ينزلق لبنان نحو انفجار كبير.