في الأسابيع الماضية بدا واضحاً أن “التيار الوطني الحُرّ” يعمل بشكل لافت على التقليل من حضوره الإعلامي، وهذا الأمر يترافق مع خروجه من السلطة لأول مرّة منذ أعوام طويلة. إذ إنّ “التيار” وبالرغم من محاولته الإيحاء بأنه معارضة جدية إلا أنه وضع أولويات أخرى نصب أعينه بدأ يتعامل بها على الساحة السياسية اللبنانية.
وفق مصادر سياسية مطّلعة فإن “التيار” يريد إعادة تنظيم بيته الداخلي بشكل أساسي ووضعه على السكّة الصحيحة، ما سيترافق حتماً مع محاولة الاستفادة من الخطاب المُعارض حتى وإن بدا خجولاً ومحدوداً على المستوى الإعلامي، وذلك من أجل إعادة جذب “العونيين” وتحسين وضعه في الشارع المسيحي بالتزامن مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
وتعتقد المصادر أنه إضافة الى المخطط التنظيمي والاستقطاب الشعبي، يريد “التيار” أيضاً تحسين علاقاته ببعض القوى السياسية، وهذا أمر لا يبدو سهلاً على الإطلاق، إذ إنّ قوى المعارضة السابقة، المتمثلة في السلطة حاليا، لا تبدو مهتمة بالتعامل مع “التيار” أو فتح صفحة جديدة معه لأنها تشعر أنها في موقع المنتصر في المنطقة والداخل اللبناني، وعليه فهي لا تجد نفسها مضطرة لتعويم “التيار” سياسياً.
من جهة أخرى، فإنّ تحالف “التيار” مع “حزب الله” سيكون تحالفاً سياسياً، على القطعة، لكنّ “الحزب” قد يجد أن حاجته ل”التيار”تتراجع خصوصاً مع تراجع واقعه الشعبي وتراجع كتلته النيابية في الانتخابات المقبلة وفق التوقّعات، كما أن “التيار” لن يكون قادراً على تقديم أي إضافة للحزب في الانتخابات، وهذا ما قد يجعل “الحزب” غير مستعجل لخوض تحالف انتخابي معه وربما غير مُهتمّ أيضاً.
أمام هذا الواقع سيكون “التيار” مضطراً على العمل بشكل مباشر بقوّته الذاتية للحفاظ على وجوده السياسي، وعملياً فإنّه من السّهل القول بأن الحالة العونية باتت مُهدّدة بشكل جدّي في حال تراجع قدرته النيابية في الانتخابات المقبلة، خصوصاً أنه لن يكون هناك رافعة حقيقية له من قبل حلفائه، لذلك سيكون العمل الداخلي أولوية مطلقة.