بين لبنان والسعودية.. بارقة أمل اقتصادية وهذا ما ينتظرنا!

22 مارس 2025
بين لبنان والسعودية.. بارقة أمل اقتصادية وهذا ما ينتظرنا!


نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً جديداً تحت عنوان “العلاقات اللبنانية – السعودية … تعويل على رفع الحظر لتحريك الاستثمار والسياحة”، وجاء فيه:

 

 

يقرأ العديد من الخبراء والمسؤولين إعادة ترميم العلاقات اللبنانية – السعودية بوصفها بارقة أمل على طريق التعافي الاقتصادي في بيروت.

 

 

ولعبت المملكة تاريخياً دوراً محورياً في دعم الاقتصاد اللبناني من خلال الاستثمارات أو المساعدات المباشرة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت فتوراً ملحوظاً في هذه العلاقة بسبب التوترات السياسية وتداعياتها الاقتصادية، لا سيّما الحظر الذي فُرض على الصادرات اللبنانية وعلى سفر السعوديين إلى لبنان.

 

وكان حجم الاستثمارات السعودية في لبنان يقدر بنحو أربعة مليارات دولار، تركزت في العقارات والأسهم وبعض المصارف والشركات الصناعية، إلا أن هذه الاستثمارات توقفت في السنوات الأخيرة.

 

 

كذلك، شكّل التصدير من لبنان إلى السعودية مصدر دخل مهم للخزينة اللبنانية، ووفقاً لـ”الدولية للمعلومات”، سجّلت الصادرات اللبنانية إلى المملكة 356 مليون دولار في عام 2015، وانخفضت إلى 217 مليون دولار في 2020، إلا أن عام 2021 شكّل نقطة تحوّل مع صدور قرار حظر التصدير، ما أدى إلى تراجع واضح في حجم الصادرات لتبلغ 124 مليون دولار، ثم انهارت على نحوٍ شبه تام في 2022 إلى 273 ألف دولار فحسب، واستمر التراجع في 2024 مسجلاً 154 ألف دولار. 

التحضير لتوقيع 22 اتفاقية

 

قال رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام منذ أيام إن العمل مستمر لرفع حظر سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان ورفع الحظر عن الصادرات اللبنانية إلى السعودية.

 

 

وشرح سلام خلال استقباله وفداً من مجلس الأعمال اللبناني- السعودي برئاسة رؤوف أبو زكي، أن العمل جارٍ على التحضير لعقد مؤتمر عام للاستثمار الخريفَ المقبل في بيروت.

 

 

وأشار رئيس الحكومة إلى أنّه سمع كل الحرص من المسؤولين الخليجيين لا سيّما من وزير الخارجية السعودي ورئيس وزراء دولة قطر على دعم لبنان بالاستثمارات والمجالات المختلفة، مع حرصهم الشديد على تطبيق الإصلاحات.

وقال أبو زكي، في حديث خاص مع “العربي الجديد”، إن العلاقات اللبنانية – السعودية مرشحة لتشهد مرحلة جديدة من الانفراجات على مختلف الصعد، نتيجة للتطورات السياسية في لبنان وانتظام عمل المؤسسات الدستورية.

 

 

وتابع: “قد تُوّجت هذه المرحلة بالزيارة السريعة التي قام بها رئيس الجمهورية جوزاف عون، إلى الرياض، على أن تتبعها زيارة أخرى بعد عيد الفطر، يُرتقب أن يجري خلالها التوقيع على 22 اتفاقية بين البلدين، تشمل مختلف المجالات”.

وذكر أن “عودة العلاقات السياسية بين البلدين إلى سابق عهدها لا بد أن تحمل في طياتها نتائج اقتصادية متنوعة، أبرزها رفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان، وما ينجم عن ذلك من تسهيل سفر جميع الرعايا الخليجيين إلى لبنان”، مشيراً أن “عودة التفاعل الإنساني بين الجانبين ستكون مدخلاً لتعزيز العلاقات الاقتصادية، سواء من جهة التبادل السياحي أو التعاون الاقتصادي”، وتابع: “في مرحلة لاحقة، يُتوقّع استئناف حركة الصادرات الصناعية والزراعية اللبنانية إلى المملكة، التي كانت تمثل المركز الثالث في مجمل الصادرات اللبنانية”.

 

وأشار أبو زكي إلى أن ذلك سيترافق مع تزايد حركة الصادرات السعودية إلى لبنان، وسينجم عن هذه الخطوة تسهيل منح التأشيرات للبنانيين إلى السعودية وتسهيل عملهم فيها، علماً بأن عدد الشركات اللبنانية العاملة في السعودية يقدر بنحو 600 شركة، وهي مستمرة في عملها، وأضاف أنه من المرتقب أن يتزايد عدد هذه الشركات بعد رفع الحظر. ولفت إلى إمكانية دعم الاستقرار النقدي بإيداعات سعودية في مصرف لبنان، مع لعب السعودية دوراً أساسياً في مرحلة إعادة الإعمار. 

معالجة الركود

 

وصرّح الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنيس أبو دياب، في حديث خاص مع “العربي الجديد”، بأن المملكة العربية السعودية تُعدّ الأساس في مجلس التعاون الخليجي، وأي تحسّن في العلاقات الاقتصادية بين لبنان والسعودية سينعكس إيجاباً على العلاقات مع باقي دول الخليج العربي.

وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين لبنان والسعودية تراجع كثيراً منذ الأزمة، ففي عامي 2016 و2017، بلغ حجم التبادل التجاري نحو 1.2 مليار دولار، بينما لا يتجاوز اليوم 500 مليون دولار.

 

 

وقال إن الاتفاقيات التي ستُوقَّع بعد انتهاء شهر رمضان ستؤدي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية وضخّ أموال جديدة، ما يعيد الأمور إلى نصابها، فمن المحتمل أن تسهم السعودية في إعادة الاكتتاب في سندات الخزينة.

وأضاف أن لبنان بحاجة إلى إصلاحات جذرية، وهي ليست مجرد مطالب خارجية، بل ضرورات داخلية لوضع الاقتصاد على المسار الصحيح نحو التعافي.

 

 

ولفت إلى أنه إذا استُؤنفت عمليات النقل البري، يمكن للمنتجات الزراعية اللبنانية، خاصة المواد الغذائية، أن تستعيد مكانتها في السوق السعودية، بشرط الالتزام بالمواصفات المطلوبة، لا سيّما بعد تركيب أجهزة المسح للحدّ من التهريب. 

 

إصلاحات مطلوبة

 

من جانبه، أفاد رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية – الخليجية، إيلي رزق، في حديث خاص مع “العربي الجديد”، بأن زيارة رئيس الجمهورية، جوزاف عون، إلى السعودية شكّلت الخطوة الأولى في إعادة العلاقات اللبنانية – السعودية إلى سابق عهدها.

 

 

ومع ذلك، لا يزال أمام لبنان الكثير من الخطوات المطلوبة، سواء من ناحية بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بالقوى الشرعية اللبنانية دون غيرها، أو من ناحية تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، قبل عودة السياحة والتبادل التجاري ورفع حجم الصادرات.

وأشار رزق إلى أن الزيارة الثانية ستُخصص لتوقيع 22 اتفاقية، على أن يُرفع بعدها حظر سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان، وتُستأنف عملية تصدير المنتجات اللبنانية، وأضاف أن الجميع متفائل بعودة لبنان إلى الحضن العربي.

 

 

وأكد أن عودة السياح الخليجيين، لا سيّما السعوديين، إلى لبنان ستنعكس إيجاباً على القطاع السياحي، نظراً إلى أهميتهم الكبيرة سواء من حيث أعدادهم التي كانت تتوافد إلى لبنان سابقاً، أو من حيث معدلات إنفاقهم اليومي، التي تفوق معدلات الجنسيات الأخرى.

وأوضح رزق أن استئناف تصدير المنتجات اللبنانية سيُسهم إيجابياً في دعم القطاع الصناعي، مشيراً إلى أن هناك اهتماماً واضحاً بالاستثمار في قطاعات منتجة، مثل النقل، والمطارات، والكهرباء، والاتصالات، إلا أن ذلك يبقى مشروطاً بمدى قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة، وتقديم الضمانات الأمنية والقانونية لحماية الاستثمارات العربية. (العربي الجديد)