بعد غياب طويل.. الدراما اللبنانية تنتفض وتنافس عربيا بقوة

23 مارس 2025
بعد غياب طويل.. الدراما اللبنانية تنتفض وتنافس عربيا بقوة

غابت الدراما اللبنانية عن الساحة لسنوات طويلة، فيما اجتاحت الأعمال المشتركة الأسواق، وغالبًا ما كانت تقتصر على اختيار ممثلة لبنانية وبطل سوري، بحجة أن “السوق” الدرامي يتطلب هذا التنسيق. ونتيجة لذلك، جلس العديد من الممثلين الموهوبين في منازلهم، بلا أعمال أو فرص جديدة، فيما تم ترويج فكرة مغلوطة مفادها أن “اللبناني لا يعرف التمثيل”، وذلك بهدف إحباط صناعة الدراما والأعمال اللبنانية.

 

 

لكن، وبعد هذا الواقع المرير، قررت شركة “إيغل فيلمز” أن تعيد إحياء الدراما اللبنانية من خلال مسلسل “بالدم”. ومنذ بداية عرضه، أحدث المسلسل ضجة كبيرة وحقق شعبية واسعة في العالم العربي، ولكنه لم يخلُ من الانتقادات. فهل يستطيع مسلسل “بالدم” أن يكون البداية لاستعادة الثقة بالدراما اللبنانية وإعادة مكانتها المرموقة على الساحة العربية؟ لإعلامي اللبناني والناقد الفني جمال فياض، أوضح أن “مسلسل “بالدم” بدأ يعيد الدراما اللبنانية إلى الواجهة ويجعلها تنافس بقوة بين المسلسلات العربية. واعتبر أن “هذه التجربة مميزة ومثمرة، ولكن يبقى أمامنا المزيد من العمل لتطوير الدراما اللبنانية بحيث تصبح قادرة على المنافسة من حيث الموضوعات التي تتناولها والممثلين الذين يشاركون فيها”.

التحديات الكبرى: جذب المحطات الخارجية والتمويل

وأكّد أن “العائق الأكبر الذي واجهته الدراما اللبنانية كان في قدرتها على جذب المحطات الخارجية لشراء حقوق عرضها، ففي حال اقتصارها على السوق المحلي فقط، تصبح ضعيفة لعدم كفاية التمويل”، مشيراً إلى أن “تحسين الجودة واختيار المواضيع الجذابة هو الطريق لجعل الدراما اللبنانية تحظى بتقدير أكبر من الجمهور والمستثمرين على حد سواء، مما يسهم في دعمها وشراء حقوقها على مستوى أوسع. هذه خطوة أولى مهمة، ونتطلع إلى المزيد من الإنجازات في المستقبل.

 

“الرد على فكرة “اللبناني لا يعرف التمثيل”

وفي ما يتعلق بفكرة “اللبناني لا يعرف التمثيل”، قال فياض: “اللبناني هو أب الدراما العربية بعد المصريين. عندما كانت الدراما المصرية هي الرائدة، لم يكن لها منافس سوى الدراما اللبنانية. على مر العصور، كانت الدراما المصرية في الصدارة، تليها الدراما اللبنانية. عبد المجيد مجذوب، محمود سعيد، هند أبي اللمع، هؤلاء هم النجوم الذين ساهموا في تأسيس الدراما التلفزيونية والسينما العربية. كانت هناك سينما في مصر ولبنان، وكذلك العديد من الأعمال المشتركة بين البلدين. على صعيد الدراما التلفزيونية، كان هناك مسلسلات مثل “مشوار طويل” الذي شارك فيه محمود مليجي، وكذلك مسلسل “وادي الكبير'” الذي شاركت فيه وردة الجزائرية وصباح فخري، وقد تم تصويره في لبنان. الدراما اللبنانية كانت دائماً عربية مشتركة ولبنانية، وقد تألق ممثلون لبنانيون في هذا المجال وأثبتوا أنهم يمتلكون موهبة تمثيلية كبيرة.”

 

وعن سبب انتشار هذه الفكرة، أوضح أنه يعود إلى “بعض التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل أشخاص غير مؤهلين للتعبير عن آرائهم. قبل ظهور السوشيال ميديا وإتاحة الفرصة لأولئك الذين لا يمتلكون الخبرة للتعليق، لم يكن أحد يردد مثل هذه الأفكار.” وعن الكلام الذي ينتشر بأن فكرة القصة مسروقة من قصة حقيقية لسيدة لبنانية، فقد أوضح قائلاً: “الدراما دائماً تعتمد على أخذ قصص مكتوبة أو مستوحاة من أحداث واقعية، ويتم إضافة بعض العناصر لتوسيعها. على سبيل المثال، عندما يتم تحويل سيرة ذاتية لفنان أو أديب أو شخصية مهمة إلى مسلسل، هل نعتبر هذا سرقة للقصة؟ السرقة تحدث عندما يكتب شخص ما قصة ويأتي شخص آخر ليقول إنه هو من كتبها. أما عندما يتم اقتباس أحداث واقعية وتحويلها إلى دراما مع بعض الإضافات، فإن هذا يُعتبر “دراما واقعية”، وليس سرقة.”

أما بالنسبة لعناصر المسلسل من حيث الإخراج، السيناريو والأداء، أشار إلى أنه “يمكن القول بأن كل هذه العناصر قد اكتملت بشكل ممتاز في المسلسل، حيث أدى جميع الممثلين أداء رائعاً. لكنني شخصياً أحب أن يكون في كل حلقة حدثان يُثيران التوتر ويجعلان الجمهور متحمساً لما سيحدث في الحلقة المقبلة. في حال عدم حدوث ذلك في إحدى الحلقات، أعتبرها خطوة إلى الوراء، لكن هذا لا يعني أن العمل ليس جميلاً أو أنه غير مشوق.” وفي ما يخص بعض الشخصيات التي تؤدي في بعض الأحيان أدوارها بشكل ضعيف، أكد أن المخرج هو المسؤول عن اتخاذ القرارات الخاصة باللقطات، وإذا لم يبدُ أداء الممثل ملائماً، يمكنه أن يطلب منه إعادة اللقطة حتى يحقق الأداء المثالي. وبالتالي، فإن المسؤولية في هذه الحالة تقع على عاتق المخرج وليس الممثل.أهمية

 

تجديد الفرص للممثلين المخضرمين في لبنان

وعن ضرورة إعادة الممثلين المخضرمين والكبار في لبنان وإعطائهم أدواراً تليق بأعمارهم وقدرتهم، كالممثلة رندة حشمة التي أدّت دور سهى بركات في مسلسل “بالدم”، قال فياض: “بصفتي عضو مجلس اتحاد المنتجين العرب فرع لبنان، أحرص في كل اجتماع على أن أذكر وأؤكد للمنتجين الحاضرين في المجلس أنه يجب أن يتواجد في كل عمل عدد من الفنانين المخضرمين الذين رغم قلة فرص العمل في مراحلهم العمرية، إلا أن موهبتهم كبيرة. لقد كنا نسمع وعوداً بهذا الشأن، والآن بدأنا نلمس تحقيقها في بعض الأعمال”.

تابع: “ومع ذلك، هناك بعض الفنانين الذين وصلوا إلى مرحلة عمرية قد تؤثر على قدرتهم على أداء الدور بسرعة، مما يجعل المخرج يتجنب استدعاءهم لأنه سيصعب عليهم أداء الدور بسهولة. على سبيل المثال، قد تستغرق لقطة دقيقة منهم نصف نهار، والمشاهد التي تتطلب وقتًا أطول ستكون أكثر صعوبة، مما يعني أن تكلفة الإنتاج ستتضاعف. ومع ذلك، فإن الممثل الذي لا يزال يمتلك القدرة على الأداء يجب أن يستمر في العمل، وهذا هو ما تعمل عليه نقابة الممثلين.”.