واستغرب “إطلاق صواريخ جديدة باتجاه إسرائيل أخيراً، في وقت لا تزال الدولة غائبة، الأمر الذي ينذر بإعادة خلط للأوراق، والتسبب بمزيد من الخسائر البشرية والمادية”.
كلام جعجع جاء خلال احتفال نظمّه “جهاز الشهداء والمصابين والأسرى” في حزب “القوات اللبنانية” في معراب بعنوان “للشهادة أم” لمناسبة عيد الأم.
واستهل جعجع كلمته بالإشارة إلى أن “نداء أمهات الشهداء بالنسبة له هو الأقوى والأغلى من النداءات كلّها، معرباً عن سروره بهذا اللقاء”. وقال: “كونوا متأكدين أن ذكرى الشهداء دوماً معنا، وأنا شخصياً دائماً أستذكرهم، لسبب بسيط أن ذكراهم تجعلنا لا نضيّع البوصلة، والدليل أنه منذ 40 سنة الى اليوم لم تسلك القوات اللبنانية سوى الطريق القويم الذي استمررنا فيه حتى اليوم كون الشهداء رسموا لنا هذا الطريق، وبالتالي حين نستذكرهم يصبح من الصعب جداً اختيار طريق آخر”.
ونوه “بجهود الرفاق والرفيقات في جهاز الشهداء والأسرى والمصابين في القوات والأمانة العامة الأجهزة كلها التي شاركت في التحضير لهذه المناسبة”، ولفت الى أنه “بالرغم من عدم لقائنا بشكل مستمر، جراء الظروف والأوضاع العامة، لكن الأكيد المؤكد أن شهداءنا معنا كل يوم، ولهذا السبب لم نخطئ”.
وعزا رئيس “القوات” ميزة الاحتفال الذي طالب بإقامته هذه السنة بعدما امتنع في السنوات الماضية عن الموافقة عليه، إلى “أنّه خلال الخمسين عاما الماضية، أصبحنا جزءًا من التاريخ، وسمعنا تساؤلات البعض مراراً وتكراراً، على سبيل المثال لا الحصر “يا ضيعان هالشباب، كرمال شو راحوا؟”. وكان جوابنا دائما، انطلاقاً من إيماننا وقناعتنا ومن دون دليل ملموس: “الشباب لم يذهبوا سدى، بل ضحّوا من أجل بناء وطن واستُشهدوا من أجل بقاء المجتمع. “وأعي تماماً أن أهالي الشهداء عانوا من هذه التساؤلات أكثر مني”.
وتابع: “أما اليوم فقد بات الجواب يستند إلى وقائع عمليّة وملموسة، فخلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية، حصل تطوران أثبتا صحة وجهة نظرنا بنسبة 100%، وليس 99% فقط. وهنا تجدر الإشارة الى أن الله أنصفنا من السماء وتجلّت الحقيقة رغم كل التضحيات والآلام التي عانيتم منها”.
وأردف: “التطور الأول هو سقوط نظام الأسد، الذي واجهناه طيلة خمسين سنة من النضال وخضنا المجابهة المباشرة معه، من الأب إلى الإبن. حينها، وكان الجيش السوري من أقوى جيوش المنطقة، يمتلك الدبابات والمدفعية والعناصر، بينما نحن كنا نقاتل باللحم الحيّ، من “الأشرفية” إلى “زحلة” إلى “قنات” وفي كل المناطق. ولا يمكن لأحد تصوّر حجم المواجهة التي شهدتها هذه البلدات الثلاث، ففي تلك المرحلة كان جيش حافظ الأسد يحارب بضع عشرات أو مئات من شبابنا، الذين، ورغم عددهم الضئيل، صمدوا وقاوموا بشجاعة”.
وردّ على من كان يتساءل لسنواتٍ، عن سبب موت شبابنا بالقول: “ذهب نظام الأسد، وبقي شبابنا، وبقيت القوات، وبقينا نحن. ويتبيّن يوماً بعد يوم مدى شرّ هذا النظام. إن خلافنا معه لم يكن مجرد خلاف سياسي، بل ان هناك أمورا تتجاوز السياسة بأشواط. يصف البعض نظام الأسد بأنه جزء من محور الشر، صحيح، إنه توصيف دقيق للغاية. ولو لم يكن لدينا شهداء، لكان نظام الأسد قد أحكم سيطرته على لبنان بشكلٍ كامل، وليس جزئيا”.
وتابع: “اما السبب الثاني الذي استُشهد من أجله شبابنا خلال الأعوام العشرين أو الثلاثين الأخيرة فيتمثّل بالنضال من أجل قيام دولة قوية وفعليّة. لقد سقط لنا شهداء في سبيل هذه الغاية، وآخرهم إلياس الحصروني مروراً بباسكال سليمان الى رولان المر، ولو ان كلا منهم استشهد في سياق مختلف. لكن، منذ شهرين أو أكثر، طوينا هذه الصفحة بكل مصائبها وويلاتها، وبدأنا مرحلة جديدة، وأصبح لدينا أملٌ بالخروج من الوضع الذي نعيش”.
واستطرد: “أخيراً، أُطلقت صواريخ جديدة من الجنوب باتجاه إسرائيل، صاروخ أو اثنان أو ثلاثة بما يكفي لخلط الأوراق من جديد والتسبب في مزيد من الخسائر البشرية والمادية، فيما الدولة اللبنانية ما تزال غائبة، وفي الوقت الذي لا خلاص لنا إلّا بقيام دولة قوية”.
أضاف: “ناضلنا في السنوات الأخيرة من أجل قيام دولة فعلية في لبنان، وقد ربحنا هذا الرهان من خلال إعادة بناء الدولة بالتوازي مع انتخاب الرئيس جوزاف عون، وتسمية رئيس الحكومة نواف سلام، وتشكيل الحكومة”.
وقال: “إن هذه المناسبة من أعز المناسبات على قلبي، تماماً كما هو الحال مع القداس السنوي لشهداء المقاومة اللبنانية، وصحيح أننا تعبنا كثيراً، لكن الدولة اللبنانية ستُعاد وتُبنى من جديد”.
واذ أثنى على دور أهالي شهداء القوات اللبنانية في النضال بعد استشهاد أبنائهم وإخوتهم، خاطب رئيس “القوات” أمهات الشهداء قائلاً: “تأكدن تماماً، لولا مواجهتهم ونضالهم ومقاومتهم واستشهادهم، لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. لقد تحملتن الكثير، وكان دوركّن عظيما. لذا، سنستمر في النضال والمواجهة حتى تحقيق أهدافنا. وسنتابع المسيرة للوصول إلى النتائج المرجوّة، ونحيا أحراراً في وطنٍ مستدام”.