أقامت جامعة القديس يوسف في بيروت “اليسوعية” لمناسبة عيدها الـ150 سنة حفل إفطار في ميناء طرابلس بدعوة من رئيس الجامعة البروفسور الأب سليم دكاش اليسوعي ومديرة حرم لبنان الشمالي للجامعة فاديا العلم الجميل.
وألقت مديرة حرم لبنان الشمالي لجامعة القديس يوسف في بيروت الجميل كلمة قالت فيها: “في هذه اللّيلة، وهنا في طرابلس، تحتفل جامعة القدّيس يوسف في بيروت – الجامعة اليسوعيّة بشخص رئيسها البروفيسور الأب سليمٍ دكاش اليسوعيّ، بعيد تأسيسها الـ150، من خلال إقامة حفل إفطارٍ بكلّ ما يحمل هذا اللقاء من معاني حبّ، لأننا نؤمن بأنّ اللّه واحدٌ وأن لبنان واحدٌ”.
أضافت: “نعم، في هذه السّنة 2025، تطفئ جامعتنا شمعتها ال “150”، 150 سنة من العطاء، وزرع العلم والتّربيّة والأمل وبناء الإنسان في كلّ لبنان ولأجلٍ كلّ لبنان.فأهلًا وسهلًا بكم فردًا فردًا لنفرح ونحتفل”.
واستهل البروفسور دكاش كلمته قائلا: “نجتمع بدعوة كريمة من مديرة حرم جامعة القديس يوسف في الشمال وطرابلس المدينة العريقة التي تُعد قلب الشمال النابض، ورمزا للتعايش والتعددية الثقافية. طرابلس، المدينة التي تحتضن التاريخ في كل زاوية منة زواياها، وتُشع بالأصالة والكرم، هي اليوم شاهد على لقاء يجمع بين العلم والإيمان بين التراث والحداثة، لكن طرابلس اختارت أن تتنفس لا من قلبها وحسب بل من قلب الشمال اللبنانى من عكار وبشري والضنية وزغرتا والكورة، بحيث وحدت كل هذا الشمال من أجل العيش المشترك الحقيقي والرغبة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية”.
أضاف: “شهر رمضان ليس فقط شهر الصيام، بل هو شهر العطاء والتضامن شهر يتعلم المرء فيه معنى الإنسانية والتقارب. كما قال الشاعر العربي أحمد شوقي: “الصوم عبادة الصبر، والصبر مفتاح الفرج” وفي الصوم أكان في المسيحية أم في الأسلام نجد أنفسنا أقرب إلى بعضنا البعض، نشارك الطعام في وقته، نتبادل الأحاديث ونتعلم أن نعيش معا بقلوب مفتوحة. هذا الإفطار الذي نجتمع حوله اليوم هو تعبير عن روح رمضان، روح التضامن والمحبة. صوم رمضان هذه السنة يصافح الصوم الأربعيني عند المسيحيين وهو أيضًا فرصة لتذكير أنفسنا بأن العلم والإيمان يسيران جنبا إلى جنب، وأن الجامعة هي بيت للجميع، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الثقافية”.
وتابع: “كما قال المفكر العربي طه حسين: العلم كالماء والهواء، حق للجميع.” وهذه الجامعة، منذ تأسيسها عام 1875 ، جعلت من العلم حقا للجميع. لقد خرجت أجيالا من الأطباء طببوا لبنان، المهندسين هندسوا لبنان، المحامين كتبوا قوانين لبنان، والأدباء الذين حملوا مشاعل المعرفة إلى كل بقاع الأرض. اليوم، نحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذا الإرث العظيم، إرث يجمع بين الأصالة والحداثة بين التراث والابتكار”. طرابلس، المدينة التي تحتضن حرمنا الجامعي هذا ، هي مدينة تعيش في قلوبنا جميعًا. هنا، في هذه المدينة العريقة، نرى كيف تلتقي الثقافات، وتتعانق الأديان، وتتشارك الأحلام. جامعة القديس يوسف في طرابلس ليست مجرد مكان للتعليم، بل هي قاعدة للعلم والإنسانية في منطقة الشمال”.
وأردف: “من خلال برامجها الأكاديمية وأنشطتها الاجتماعية، تساهم الجامعة في تمكين شباب طرابلس ومنطقتها، وتقدم لهم الأدوات التي يحتاجونها لبناء مستقبل أفضل. كما قال الشاعر نزار قباني: “لكل عصر معركة، ومعركتنا هي معركة العلم”. وفي طرابلس نحن نقود هذه المعركة بكل إصرار وإيمان وأود أن أهنئ المبادرات الثقافية والاجتماعية التي قامت بها مديرة وطلاب فرع الشمال في طرابلس مع جمعية سابا زريق الثقافية وغيرها من الجمعيات الأخرى، وأود أن أشكرهم جميعاً على مشاركتهم في هذه المبادرات، وأود أن أهنئهم جميعاً على مشاركتهم. وأود أن أهنئ المبادرات الثقافية والاجتماعية التي قامت بها مديرة وطلاب فرع طرابلس الشمال لتكريم طرابلس عاصمة الثقافة العربية مع جمعية الشاعر سابا زريق وغيرها من الجمعيات وأشكرهم جميعاً على مشاركتهم. كما نود أن نشكر المدارس التي أشركت تلاميذها في التدريب التربوي في حرمنا الجامعي وفي البطولات بين المدارس. كما نود أن نشكر ونقدر الشركات التي على الرغم من الأزمة الاقتصادية، تواصل الترحيب بطلابنا في فرص العمل في شركاتها وصناعاتها. لكن جامعة القديس يوسف لم تقتصر على التعليم الأكاديمي فحسب، بل كانت دوما صاحبة رسالة اجتماعية سامية. وكما قال أحد الحكماء: “إنما الحياة أمل ورجاء، فأن لم نعلم الرجاء نكون لا نعلم شيئا. وهذه الجامعة منحت طلابها الأمل، فكانوا خير سفراء لها في كل المجالات”.
وقال دكاش: “أروي لكم تجربة أطلقت في الجامعة، وتحديدًا في كلية الحقوق والعلوم السياسية تحت عنوان ” نحن الدولة نحن الشباب من أجل الحوكمة”. في هذا السياق، يُجسد البرنامج السنوي “الشباب” من أجل الحوكمة”، بالتعاون مع جامعات أخرى، التزام الشباب تجاه الشأن العام (res publica) يُقدم هذا البرنامج. في طرابلس ومن الشمال، نرى هذه الرسالة تتجسد في الأنشطة التطوعية، الحملات الصحية، والبرامج التعليمية التي تهدف إلى تمكين الشباب وبناء مجتمع أكثر عدلا وإنسانية. وفي زمن التحديات، كانت جامعة القديس يوسف دائما حصنا منيعا للهوية اللبنانية. كما قال المفكر جبران خليل جبران: لو لم يكن لبنان وطني لاخترت لبنان وطنا لي”. وهذه الجامعة كانت وما زالت جزءًا من هذه الرسالة، رسالة التسامح، التعايش، والتنوع. لقد ساهمت في بناء لبنان الحديث، وأعدت قادة ومفكرين حملوا على عاتقهم مسؤولية الحفاظ على هذا الوطن،ولأننا نؤمن بأن المستقبل يُبنى بالعلم، قدمت جامعة القديس يوسف دعما لا محدودًا لطلابها من خلال المنح الدراسية، الدعم النفسي، والأنشطة اللامنهجية ساعدت الطلاب على تحقيق أحلامهم”.
وختم: “اليوم، ونحن نحتفل بمرور 150 عامًا على تأسيس هذه الجامعة، ننظر إلى الماضي بفخر، وإلى المستقبل بأمل. هذه الجامعة هي إرث نحمله بكل فخر، ورسالة نواصلها بكل إصرار،في هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان شهر العطاء والتضامن، نجدد العهد مع هذه الجامعة العريقة، ونؤكد التزامنا برسالتها السامية فلنعمل معا على حمل هذه الرسالة، ولنواصل السير على درب العلم والمعرفة، لأن المستقبل يبدأ من هنا، من هذه الجامعة التي كانت وستظل بيتا للجميع”.
ثم تحدث مفتي طرابلس والشمال وقال: “رمضان شهر يجمع على مائدته المحبين ويظلل أمسياتنا بظلال الفرح واللقاء والعفوية والتواصل الطبيعي بين جميع الناس، فكيف إذا كانت مائدتنا اليوم في رحاب العلم والمعرفة، وفي رحاب جامعة عريقة لم تطفىء شمعتها ال 150 بل أضاءت شمعتها ال 150”.
أضاف: “الجامعة تعني التوجه إلى أخص خصوصيات الإنسان، وما خصه الله وميزه به وهو العلم والتعلم ، لكي يستذكره الإنسان في حياة افضل وفي مجتمع أحسن وفي علاقات بشرية ارقى واسمى. والعلم يعني تجرد عن الهوى وعن الشخصانية. ألعلم يفصل الرؤية عن كل شخصانية ويجردها إلى صورتها الواقعية بمعاييرها الصحيحة، لذلك العلم هو رقي الإنسان وهو ما اوصل البشرية إلى ما وصلت إليه، لكن الإنسان لم يتغير بعد ويستعمل هذه الخاصية للتغلب على آفات ومصائب وآلام الإنسان على هذه الأرض”.
وتابع: “وحري أن يستعمل الإنسان العلم في ذلك فلا نشهد مجازر ولا إبادة وتقطيع البشر هكذا مجانا وهذا ما يحدث في القرن ال 21 حتى يومنا هذا”، مؤكدا ان “على النخبة من الناس امثال لقائنا المعرفي والثقافي هذا ان يكونوا هم القادة لمسار الإنسان وهم الذين يبادرون لإيجاد الحلول لتوفير التعايش بين الناس بسلام ووئام وكرامة وإحترام”.
وأردف: ” كل إنسان يجب ان يعرف قيمة الإنسان الذي كرمه الله وهو القائل: “لقد كرمنا بني آدم” واراد سبحانه ان يكون هذا التكريم متميزا ومصانا ولكننا نرى ان البشرية وكأنها اليوم في جاهلية، والمعوّل على اصحاب الإرادة المخلصة والنيات الطيبة من الناس في مجتمعنا اللبناني والعالمي ان تكون لديهم الجرأة وان يصبحوا الى جانب الحق”.
وختم: “هذا الإفطار له معنى خاص لأنه إلتفاتة كريمة من الجامعة العريقة التي إحتضنت وخرجت أجيالا وإختارت ان يكون إحتفالها هذا اليوم على مائدة الإفطار الذي له رمزيتها ونحن نقدر الجامعة ونشكر لها هذه الإلتفاتة الكريمة”.
وفي الختام قدم البروفسور دكاش والمديرة علم باقة من الورد للأستاذة فائزة سباعي كرامي، والدة وزيرة التربية الدكتورة ريما كرامي.