نشر موقع “arabnews” تقريراً جديداً تحدث فيه عن علاقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بلبنان ومصر لاسيما في ظل الآونة الأخيرة.
وفي التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24″، يقولُ الكاتب خالد أبو ظهر: “سواء أحببته أم كرهته، لا بد أن تعترف بأن الرئيس الفرنسي ماكرون لا يلين. أعترف أنني لطالما شككت في نهجه واستراتيجيته تجاه لبنان، لكن مثابرته وثباته وتركيزه المستمر على مساعدة بيروت أكسبني ثقةً كبيرة. لقد أبقى ماكرون لبنان على رأس أجندات الأخبار، وفي زمن صراع القوى العظمى، يُعدّ ذلك عوناً ثميناً”.
Advertisement
]]>
وتابع: “منذ أن أطلق ماكرون مبادرته بشأن لبنان، تغير الوضع في البلاد. لم يعد حزب الله يتمتع بنفس القوة التي كان عليها. بين العقاب الإسرائيلي والتغيير السياسي في سوريا، أصبح وكيل إيران في وضع حرج، سواء اعترف بذلك أم لا. هذا يعني أن الطريق مفتوح أمام تغيير جذري وحقيقي في لبنان، وهذا قد ينطبق على منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها”.
وأضاف: “يحمل ثبات ماكرون أيضاً استراتيجيةً أوسع تُركّز على الساحل. هذا ليس جديداً، لكنه سعى جاهداً لإضافة أسس التغيير. في هذا السياق، لا يُمكن عزل لبنان عن نهج ماكرون تجاه مصر، أو على نطاق أوسع، تجاه سوريا، أو حتى الجزائر. الأمر يتعلق ببناء الاستقرار من خلال تمكين فاعلين محليين أكبر”.
واستكمل: “مع أن هذه الجهود تبدو معزولة، إلا أن بناء شراكات بين شمال وجنوب المتوسط وبناء الثقة بين الدول أمرٌ منطقي. ورغم العاصفة التجارية والجيوسياسية العالمية المستمرة، أود أن أسلط الضوء على زيارتي الرئيس الفرنسي إلى لبنان في كانون الثاني ومصر قبل أيام، باعتبارهما بداية صفحة جديدة في تاريخ منطقة المتوسط”.
وتابع: “في ما يتعلق بمصر، كانت هناك رغبة متبادلة في تعزيز العلاقات وتوطيدها وتحويلها إلى شراكة قوية، وقد اتضح هذا جلياً للقاهرة بعد خروجها مما يُسمى بالربيع العربي، حيث بدت فرنسا الحليف الأمثل لإعادة بناء القوات المسلحة المصرية وتنويعها”.
وأردف: “منذ عام 2015، أثمر هذا التعاون عن إبرام فرنسا ومصر صفقات عسكرية وبحرية كبرى تجاوز مجموعها 10 مليارات يورو (11 مليار دولار). تشمل الاتفاقيات الرئيسية شراء 30 طائرة مقاتلة من طراز رافال في عام 2021، عقب صفقة سابقة عام 2015 لشراء 24 طائرة. كذلك، استحوذت البحرية على سفينتين هجوميتين برمائيتين من فئة ميسترال (تم تسليمهما عام 2016) وأربع طرادات من طراز غويند بوزن 2500 طن، إحداها بُنيت في فرنسا والثلاث الأخرى في مصر بموجب اتفاقية نقل التكنولوجيا. إضافةً إلى ذلك، اشترت مصر فرقاطة فرنسية متعددة المهام من طراز Future Multi-Metal في عام 2015”.
وقال: “تُبرز هذه الصفقات مكانة فرنسا كواحدة من أبرز موردي الدفاع لمصر، ويمتد هذا التعاون أيضاً إلى قطاعي البنية التحتية والثقافة، اللذين لا يقلان أهمية، مع حرص واضح على إبراز الروابط التاريخية بين البلدين. وللإشارة، فقد أُطلق على عام 2019، الذي يصادف الذكرى الـ 150 لافتتاح قناة السويس، اسم العام الثقافي الفرنسي المصري”.
وتابع: “علاوةً على ذلك، وقّعت مصر وفرنسا العام الماضي اتفاقيةً لتعزيز الشراكات الدولية بين جامعاتهما. ومن خلال هذا المزيج، تُبنى شراكاتٌ أوسع نطاقًا في المنطقة، وتُرسى دعائم تعاون جيوسياسي حقيقي”.
ويقول كاتب التقرير أيضاً إنه “لم يكن مفاجئاً أيضاً أن تكون باريس أول زيارة غربية للرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، فقد التقى الأخير ماكرون في قصر الإليزيه أواخر الشهر الماضي. كذلك، لم يكن مفاجئًا أن يتضمن اللقاء اتصالاً مرئياً مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، إذ لا أمن ولا سلام في لبنان دون استقرار وعلاقات متوازنة مع سوريا”.
وأوضح التقرير أنَّ “النهج كان أوسع نطاقاً، إذ شمل قمة خماسية مع زعيمي اليونان وقبرص، ركزت على الاستقرار والسلامة البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط. وقد سلّط هذا الاجتماع الضوء على أهمية احتواء المخاوف الأمنية على الحدود السورية اللبنانية، حيث تصاعدت المواجهات مؤخراً”.
وقال: “أيضاً، التزم ماكرون باستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار لبنان، إلا أن ذلك يتطلب تعزيز الاستقرار السياسي في البلاد. لذا، يجب على بيروت أن تُدرج نزع سلاح حزب الله ضمن عملية الإصلاح، كما هو منصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حرب تشرين الثاني 2024 مع إسرائيل. ورغم الدعم الفرنسي المتواصل، فإن لبنان مسؤول عن تحقيق إصلاحات حقيقية في القطاعات المالية والقضائية والحكومية، وتُعدّ هذه الخطوات شرطاً أساسياً للحصول على التمويل الدولي”.
واستكمل: “هناك رؤية واضحة لكيفية تمكين الحلفاء التاريخيين في منطقة البحر الأبيض المتوسط للمساعدة في حل المشاكل للجميع وتحقيق الاستقرار، وقد تجلى هذا بوضوح خلال زيارة ماكرون لمصر التي استمرت ثلاثة أيام هذا الأسبوع. أيضاً، ركز جدول الأعمال على الأمن الإقليمي، والمساعدات الإنسانية، وتعزيز العلاقات، مؤكداً أنه بمساعدة دول مثل مصر، ومن خلال مقترحات من داخل المنطقة، يمكن تحقيق التغيير”.
وتابع: “لقد تجلى ذلك في دعوة ماكرون لوقف إطلاق نار عاجل في غزة واستئناف المساعدات الإنسانية خلال اجتماعاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. أيضاً، قام الرئيس الفرنسي بجولة في مرافق إغاثة ومستشفى في العريش قرب حدود غزة، وأسفرت الزيارة عن اتفاقيات شراكة استراتيجية جديدة تغطي قطاعات النقل والصحة والتعليم”.
وختم التقرير بالقول: “لا شك أن سعي ماكرون لبناء شراكات بين عمالقة المتوسط، كمصر، وإشراكهم في أمن وسلام لؤلؤة المتوسط، لبنان، يُعدّ وسيلة إيجابية لتعزيز دور دول المتوسط. النهج هذا قريب من الشعوب أيضاً، في حين أنَّ مبادرات ماكرون الرمزية – مثل ركوب مترو القاهرة مع المواطنين المصريين والتجول في سوق تاريخي، كما فعل في بيروت كانون الثاني – تُظهر تضامناً حقيقياً مع شعوب المنطقة، وتُبرز الروابط الثقافية العريقة”.