دخلت البلاد مع أحد الشعانين الأسبوع العظيم، الذي يجمع كل الطوائف المسيحية هذا العام ، متشاركين العادات والتقاليد الكثيرة التي تميّز هذه الفترة من السنة.
Advertisement
]]>
فهذا الموسم الجميل، الذي ينتهي مع قيامة السيد المسيح، يبدأ مع أحد الشعانين الذي يحمل الكثير من الرموز والمعاني الروحية العميقة، إذ تشير سعف النخل إلى الانتصار الروحي، بينما ترمز أغصان الزيتون إلى السلام الداخلي والقداسة.
فغصون النخل ترمز إلى الانتصار، في حين ترمز أغصان الزيتون التي يحملها الأطفال في الزياحات إلى السلام، وترمز الشمعة المضاءة التي يحملها الأطفال في التطواف إلى كلمة الله التي تنير خطانا في مسيرتنا معه على دروب أورشليم.
أربعاء أيوب
من أحد الشعانين ننتقل إلى أربعاء أيوب، حيث تستذكر الكنيسة أيّوب البارّ الذي احتمل الآلام، وهو رمزٌ للمسيح البارّ المتألّم.
كثيرة هي التقاليد التي تقام في هذا اليوم حيث يُبارك فيه الزيت ويُمسح به المرضى. ويُضاء فيه قنديل عليه 7 شموع طلبًا للغفران، دلالة على شفاء إنسانيتنا بجراح المسيح.
هذه التقاليد الشعبية ترافق بيوتنا في القرى اللبنانية أيضًا؛ إذ إن النساء وربات المنازل يمتنعن في هذا النهار بالذات عن غسل الأواني أو تكنيس المنزل اعتقادًا منهن أن هذا الأمر يطرد من المنزل كل أنواع الزواحف أو الحشرات، في حين ان العمل يجلب إلى المنزل النمل والحشرات السامة طيلة السنة.
أما العجينة التي تصنعها النساء من طحين الذرة، أي عجينة جافة، فترمز إلى جسد أيوب المريض، اما الزيت الذي يطفو على العجينة فيرمز إلى بحر المراحم التي من الله، كما توضع على العجين 7 شمعات مشتعلة ترمز إلى عطايا الروح التي تساعد المريض المتألم على احتمال مرضه وانتظار عمل الله فيه.
خميس الأسرار
أما لخميس الأسرار فتقاليد مختلفة، حيث يُصمد القربان داخل بيت القربان على المذبح بعد انتهاء القداس ويقوم المؤمنون بالسجود أمامه طوال الليل مستذكرين رحلة يسوع المسيح في بستان الزيتون، حيث تركه التلاميذ وحيدًا واستسلموا للنوم من جرّاء الحزن والتعب والخوف. هذا، وترفع كل أنواع الزينة من الكنائس ما عدا المذبح الذي يُصمد عليه القربان تعبيرًا عن الحزن الشديد. كما أن بعض التقاليد تقضي بالتوقف عن قرع أجراس الكنائس بعد صمد القربان حتى أحد القيامة.
وفي هذا اليوم يُكرَّس ويُبارك البطريرك الميرون وزيت العماد وزيت المسحة، ليُوزّع على كلّ الأبرشيات والكنائس، كما يعمل الكاهن على غسل أقدام اثني عشر شخصًا يرمزون إلى عدد رسل المسيح.
ومن التقاليد المتوارثة، زيارة السبع كنائس، وهي عادة موروثة عن الاجداد، وتُعدّ من أبرز العادات الدينية التي يقومون بها في أسبوع الآلام، وهذه الزيارة ترمز إلى مراحل محاكمة يسوع السبع وآلامه وفق الترتيب التالي:
1- عليّة العشاء السرّي
2- جتسمانيّة أي بستان الزيتون
3- المجلس عند قيافا
4- قلعة أنطونيا عند بيلاطس
5- عند هيرودس
6- عند بيلاطس مجددًا
7- الجلجلة
يوم الجمعة العظيمة
تُدعى “الجمعة العظيمة”؛ وهيَ اليوم الذي صُلِب فيه المسيح. في هذا اليوم يصوم المسيحيون كافةً. وتحتفل الكنائس برتبة دفن المسيح، فيحمل المؤمنون نعشًا مزيّنًا ويطوفون به ثم يضعونه في قبر بانتظار أحد القيامة. ويأتي المؤمنون أيضًا ببعض الزهور التي جمعوها من الحقول لتزيين القبر.
تختلف مظاهر الاحتفالات بيوم الجمعة العظيمة من بلد لآخر، إلا أن لهذا اليوم في لبنان طقوسه الخاصة، إن من ناحية المأكولات أو من ناحية الطقوس التي تتمحور جميعها حول آلام السيد المسيح.
فمن حيث المأكولات، يعد طبق “الحر والمر” من أشهر الأطباق، فهو عبارة عن سلطة خضار، يضاف إليها الزيتون لإضفاء نكهة من المرارة، تيمنًا بالمسيح الذي ذاق المر على صليبه، إضافة إلى “كبة الراهب” التي تعد في هذا اليوم ويضاف إليها أيضًا الخل، كما يأكل المسيحيون في هذا اليوم “كبة اليقطين”، والذي يعود تاريخ هذه المأكولات إلى عصر الاضطهاد المسيحي، حيث كان الحكام يجبرون المسيحيين على تناول اللحوم في هذا اليوم، فيعمدون إلى تقديم كبة الراهب أو كبة اليقطين التي تظهر في الشكل مشابهة للكبة المصنوعة من اللحم.
سبت النور
سبت النور هو اليوم الذي يسبق أحد الفصح، وعند غروبه تقرع الأجراس لتعلن بشرى القيامة، وعليه يطلق على سبت النور اسم “سبت الفرح”، وسمي سبت النور بهذا الاسم لأن السيد المسيح أنار على الذين كانوا في الظلمة أي الهاوية، وينبعث النور المقدس من قبر المسيح اليوم السبت، معلنًا القيامة المجيدة.
وهناك طقوس عديدة تترافق مع سبت النور، لا سيما في كنيسة القيامة في القدس، حيث يدخل بطريرك الروم الأرثوذكس إلى القبر المقدس طالبًا من الرب أن يخرج النور المقدس، وتضرب الأجراس بحزن، حتى يدخل البطريرك ويجلس على الكرسي البابوي، ويتجمع المؤمنون من الطوائف المسيحية كافة. وبعد ذلك يدخل البطريرك إلى القبر بعد تفتيشه للتأكد من عدم حمله أي أداة تشعل النار، وهو يحمل حزمة شمع مطفأة مكونة من 33 شمعة تمثل سنين عمر السيد المسيح، وداخل القبر المقدس يصلي البطريرك، فيما يغلف المكان سكون وصمت شديدان، فالمؤمنون يترقبون خروج النور، وبعد الصلاة، يخرج البطريرك حاملًا شمعة متقدة، يوزع نورها على المؤمنين، حيث تبقى نورًا غير حارق لمدة 33 دقيقة وتتحول بعدها إلى نار.
وبعدها يتم نقل الشعلة المقدسة من القدس إلى بلدان كثيرة في رحلات جوية خاصة، وسط احتفال مهيب، بحضور كبار القادة والرؤساء.
أحد الفصح
أحد الفصح أو ما يُعرف بأحد القيامة أو “العيد الكبير”، حيث تُزيَّن الكنائس وتُقرع الأجراس وتحتفل الكنائس بفرح القيامة.
ولا تكتمل فرحة عيد الفصح، لا سيما بالنسبة للأطفال، دون البيض المسلوق وتلوينه وتزيينه بطرق فريدة للتعبير عن الفرح، وهو نشاط يشارك فيه جميع أفراد الأسرة من مختلف الأعمار، كما يخوضون مباراة “تفقيس البيض” الذي يوضع في سلّة، وكل شخص يختار بيضة ويتنافسون.
يرمز البيض إلى تجديد الحياة، إلا أن الديانة المسيحية أضافت إليه معنى جديدًا واتخذت منه ركنًا أساسيًا في عيد الفصح، وبات يرمز إلى ولادة البشرية من جديد، وتدل القشرة القاسية إلى حجر قبر السيد المسيح الذي خرج منه النور يوم قيامة يسوع من الموت في اليوم الثالث.