أعلن رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون أنّ القرار بحصر السلاح بيدّ الدولة قد اتُّخِذَ، وأنّه سيتحاور مع “حزب الله” بهذا الشأن. توازيّاً، أشار بعض نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” إلى أنّهم جاهزون لمُناقشة موضوع الإستراتيجيّة الدفاعيّة، في الوقت الذي تُمارس فيه كلّ من الولايات المتّحدة الأميركيّة وإسرائيل الضغوطات على لبنان، من أجل بسط الجيش سيطرته على كامل الأراضي اللبنانيّة، وتسلّم كافة العتاد العسكريّ من “الحزب” وغيره من الفصائل الفلسطينيّة.
ويرى البعض أنّ تسليم “حزب الله” لسلاحه سيكون له تبعات سياسيّة عليه، وخصوصاً مع اقتراب الإنتخابات النيابيّة. ويعتبر مراقبون أنّ المعارضة في البيئة الشيعيّة قد تزداد أكثر، وما جرى في الإستحقاق النيابيّ عام 2022 كان خير دليلٍ على ظهور حركة غير مُؤيّدة لسياسة “المُقاومة” في جنوب لبنان، حيث خُرِقَت لائحة “الثنائيّ الشيعيّ” لأوّل مرّة.
وبالحديث عن إمكانية تراجع “حزب الله” سياسيّاً، فإنّ واشنطن وتل أبيب كانا لا يُريدان إيصال رئيس إلى بعبدا مُؤيّد “لمحور المُقاومة”، وعارضتا بشدّة مُشاركة “الثنائيّ الشيعيّ” في حكومة نواف سلام، فهدفهما بعد الحرب هو القضاء على قوّة “الحزب” العسكريّة بشكلٍ نهائيّ، إضافة إلى تحجيم دوره السياسيّ في مجلسيّ النواب والوزراء.
وبحسب أوساط سياسيّة، فإنّ تسليم “حزب الله” لسلاحه سيخلق نوعاً من الحريّة في البيئة الشيعيّة وتعدّداً في الآراء، وجرأة أكثر في انتقاد سياسات “الحزب”، وهذا ما بدأ يظهر منذ الإنتخابات النيابيّة الأخيرة، وبعد توقيع إتّفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
كذلك، فإنّ هناك تعويلاً من قبل مُنتقدي “الحزب” على زيادة المُعارضين في الشارع الشيعيّ، لأنّ “حزب الله” هو من تسبّب في إدخال البلاد في “حرب الإسناد”، وسلاحه هو من يُعرقل إعادة البناء وتقديم المُساعدات للعائلات المُتضرّرة. في المقابل، يُؤكّد مصدر من 8 آذار أنّه إذا قرّرت حارة حريك تسليم السلاح إلى الدولة، فإنّ هذا الأمر سيكون أبرز دليلٍ على أنّ قيادة “المُقاومة” قرّرت التخلّي عن قوّتها العسكريّة من أجل التعويض على المواطنين وعلى بيئتها، وأنّها فضّلت التنازل عن قضيّتها الرئيسيّة مقابل تنفيذ وعدها بالمُساهمة في بناء ما تدمّر.
غير أنّ الأوساط السياسيّة تلفت إلى أنّ “حزب الله” بحاجة إلى الوقت للتكيّف مع الظروف السياسيّة الجديدة، وهو ينتهج حاليّاً منطق التهدئة مع الكتل النيابيّة المُعارضة له، ولا يدخل في سجالات مع أبرز مُنتقديه، ووجد نفسه مُجبراً على الدخول في تسويات مع بقيّة الأفرقاء في انتخابات رئاسة الجمهوريّة وتشكيل الحكومة، بعدما كان يستغلّ الفراغات ويعتمد على عامل الوقت، لدفع خصومه السياسيين إلى تبديل مواقفهم.
وبحسب الأوساط السياسيّة، فإنّ نتائج الحرب أثّرت كثيراً على معنويات “حزب الله”، وسياسة “المُقاومة” لم تُفضِ إلى تحرير الجنوب، وزادت من الإحتلال الإسرائيليّ للأراضي اللبنانيّة ومن والخروقات والإعتداءات. وتختم الأوساط السياسيّة قولها إنّ الإستحقاق البلديّ والإختياريّ سيكون مُقدّمة لما ينتظر “الحزب” العام المُقبل في النيابة، وهناك ترقبٌ إذا ما كانت البيئة الشيعيّة ستظلّ حاضنة لسياسات “الوفاء للمقاومة” القديمة والجديدة، أو أنّها ستعتمد مبدأ المُحاسبة على إثر ما جرى بعد 8 تشرين الأوّل 2023.