عبر الجيش.. هكذا ستساعد أميركا لبنان

16 أبريل 2025
عبر الجيش.. هكذا ستساعد أميركا لبنان

 

وفي التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24″، قال الموقع: “لأول مرة في تاريخ العلاقات المتوترة بين لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة، تتفق الأطراف الثلاثة على غاية مشتركة للبنان وهي أن تحتكر الدولة اللبنانية استخدام القوة في البلاد، وأن يصبح الجيش اللبناني الضامن الشرعي الوحيد لأمنه”.

 

وأضاف: “يعني هذا عملياً نزع سلاح حزب الله وجميع الميليشيات المسلحة الأخرى العاملة على الأراضي اللبنانية، بما يتوافق مع قراري الأمم المتحدة رقم 1559 و1701”.

 

واستكمل: “لا تزال الأطراف الثلاثة مختلفة حول كيفية تحقيق هذه النتيجة، وقد بدأ صبر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينفد مع هذا المأزق. ولكن من خلال تدابير بناء الثقة التي تيسرها الولايات المتحدة بين لبنان وإسرائيل، يمكن كسر الجمود الدبلوماسي الحالي. هذا أمرٌ ملحّ للحفاظ على الزخم الذي تبلور منذ وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله في تشرين الثاني الماضي، وتجنّب حرب جديدة، وتحقيق سلام دائم بين البلدين في نهاية المطاف”.

 

وتابع: “لكن أولاً، من المهم إدراك مدى أهمية هذه اللحظة وكيف وصلت الأطراف الثلاثة إلى هنا. لقد خرج حزب الله ضعيفاً بشدة من حربه الأخيرة مع إسرائيل، والتي بدأت عندما بدأت المجموعة في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار والقذائف على شمال إسرائيل في 8 تشرين الأول 2023، دعماً لحماس. انتهى الصراع بعد هجوم متواصل من قبل إسرائيل في الصيف والخريف الماضيين والذي ترك القوات الإسرائيلية تسيطر على 5 مواقع استراتيجية في جنوب لبنان. قد لا تكون الحرب قد وجهت ضربة قاتلة لحزب الله، لكنه بالتأكيد ليس القوة التي كان عليها في السابق. لقد قطعت إسرائيل رأس المجموعة، وتوغلت بعمق في قيادتها العليا ودمرت الكثير من ترسانتها، مما يلقي بظلال من الشك الجدي على مستقبلها كوحدة مسلحة متماسكة”.

 

واستكمل: “كان لفقدان حزب الله الكبير لنفوذه، إلى جانب انهيار نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد الذي لطالما كان قناةً رئيسيةً لإمداد الحزب الشيعي بالأسلحة من إيران، آثارٌ فورية على ديناميكيات القوة الداخلية في لبنان. ولأن حزب الله لم يعد قادراً على ممارسة حق النقض (الفيتو) على التطورات السياسية في البلاد، ناهيك عن فرض إرادته على خصومه المحليين كما فعل في السنوات الأخيرة، فقد تولى زمام الأمور في بيروت تيارٌ مؤيدٌ للإصلاح أساسه الرئيس جوزيف عون – قائد الجيش السابق الذي يحظى باحترام كبير – ومعه رئيس الوزراء نواف سلام، وهما يرسمان مساراً سياسياً جديداً للبنان يُركّز على التغيير الشامل، بعيداً عن هيمنة حزب الله وحليفه الرئيسي، إيران”.
وأردف: “لا شك أن لبنان لا يزال يواجه تحديات عديدة، منها معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة ، وضمان استقلال القضاء، وإصلاح الجهاز الإداري للدولة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي. ومع ذلك، لا يوجد ما هو أهم وأكثر إلحاحاً من تحديد مسار عملي لنزع سلاح حزب الله”.

 

وتابع: “إن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، والذي أنهى القتال بين إسرائيل وحزب الله العام الماضي، يدعو إسرائيل إلى سحب كل قواتها من جنوب لبنان، وحزب الله إلى إبعاد مقاتليه عن الضفة الشمالية لنهر الليطاني. ومن المتوقع أن يزيد الجيش اللبناني، بمساعدة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، انتشاره في المنطقة بشكل كبير، وأن يصادر كل أسلحة حزب الله. لقد حقق الجيش اللبناني تقدماً ملحوظاً في تدمير مخازن أسلحة حزب الله جنوب نهر الليطاني، دون أي مقاومة تُذكر من الحزب. ومنذ وقف إطلاق النار، نفّذ الجيش أكثر من 500 مهمة تفتيش لمواقع محتملة لحزب الله، وتفكيك بنيته التحتية، ومصادرة أسلحته، حتى أن قائد آلية المراقبة الأميركية الفرنسية أشاد بجهوده في تحديد مواقع تلك المواقع”.

 

وزعم التقرير أنَّ “الحكومة اللبنانية تتردّد في إصدار تعليمات للجيش بتفكيك البنية التحتية لأسلحة حزب الله شمال الليطاني بسرعة وقوة أكبر، لأن حزب الله يخزن الكثير من أسلحته في المنطقة”، وتابع: “من جانبها، تتذرع إسرائيل بمخاوف أمنية لإبقاء قواتها في لبنان، مدّعيةً أن حزب الله يحاول إعادة بناء صفوفه  في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية لبيروت. كذلك، سُجّلت عدة حوادث لإطلاق صواريخ على إسرائيل من جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار. وبالإضافة إلى بقائه في جنوب لبنان، يشن الجيش الإسرائيلي هجمات دورية على عناصر حزب الله ومنشآته كلما رأى تهديداً”.

 

وتابع: “إن لدى إسرائيل ثلاثة أسباب على الأقل تدفعها إلى الرغبة في الحفاظ على وجود عسكري في جنوب لبنان: أولاً، إنشاء منطقة عازلة من شأنها أن تخفف من مخاوف الإسرائيليين الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم في الشمال خلال الأشهر الـ13 من القتال مع حزب الله؛ ثانياً، ممارسة الضغوط السياسية على الحكومة اللبنانية لتسريع عملية نزع سلاح حزب الله؛ وثالثاً، الحفاظ على وحدة وتماسك الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي تعارض تقديم أي تنازلات في غزة ولبنان”.

 

وذكر التقرير أنه “يُمكن للحكومة اللبنانية القيام بدورها بالإعلان رسمياً عن التزامها بعملية نزع سلاح حزب الله قابلة للتحقق، بالإضافة إلى جدول زمني محدد لا يتجاوز بضعة أشهر”، وأردف: “علاوة على ذلك، ينبغي عليها أن تُصدر تعليمات فورية للجيش اللبناني بصياغة استراتيجية شاملة لتأمين حدوده الجنوبية والشمالية الشرقية، والإعلان عنها علناً”.

 

واستكمل: “لكي تكون هذه الاستراتيجية ذات صدقية سياسية وفعّالة عسكرياً، لا بدّ من تطويرها بمساعدة القيادة المركزية الأميركية ومكتب الملحق العسكري بالسفارة الأميركية في بيروت. على مر السنين، ساهمت المساعدات العسكرية الأميركية في تحسين قدرات الجيش اللبناني، مما مكّنه في عام 2017 من طرد أعداد كبيرة من مقاتلي داعش بنجاح من الشمال، ومواصلة عمليات مكافحة التهريب على طول الحدود مع سوريا”.

 

وأردف: “حتى لو أمرت الحكومة اللبنانية الجيش بتكثيف جهوده، فإنه يفتقر إلى الخبرة والتمويل والكوادر والتدريب والمعدات اللازمة لتأمين الحدود مع كل من إسرائيل وسوريا. في الواقع، إن صمود الجيش رغم سنوات الأزمات السياسية في بيروت وانهيار الاقتصاد اللبناني يُعدّ معجزة. هنا يصبح التدخل الأميركي حاسماً، فإذا حسَّنت واشنطن برنامج مساعداتها العسكرية للبنان بشكل كبير، فسيمكّن ذلك الجيش اللبناني من نشر 15 ألف جندي جنوب الليطاني وفقاً لبنود خارطة الطريق الأميركية الفرنسية، وهو ما قد يُخفف المخاوف الأمنية لإسرائيل ويُحفّزها على الانسحاب من التلال الخمس التي تحتلها حالياً”.

 

وتابع: “إن ما يفتقده الجيش اللبناني على وجه الخصوص للقيام بواجباته هو مفهوم ونظام وعي متعدد المجالات لمواصلة وتوسيع نزع سلاح حزب الله على طول الحدود الجنوبية مع إسرائيل، ومنع تهريب البضائع والأسلحة والأشخاص عبر الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا. وتشمل بعض متطلبات تنفيذ مثل هذه الاستراتيجية تعزيز القدرات في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، مثل أنظمة المراقبة والاستهداف الجوية غير المأهولة، والرادارات، وأجهزة الاستشعار الأرضية، وأصول الاستخبارات البشرية. في المقابل، فإن كل ذلك لا يشمل سوى جمع البيانات، وسيتعين على الجيش اللبناني أيضاً تحليل هذه البيانات ودمجها ونشرها بفعالية، الأمر الذي يتطلب تحليلاً للتهديدات يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومركزاً مشتركاً لاستخبارات العمليات، وتحسيناً في الاتصال. وأخيراً، للاستفادة من هذه البيانات، سيتعين على الجيش اللبناني إنشاء فوجين إضافيين للحدود البرية، بالإضافة إلى قوة رد سريع مجهزة بمركبات تكتيكية واستطلاعية، وطائرات هليكوبتر، ومعدات بحرية.. كل هذا يتطلب تعاوناً أمنياً أميركياً”.

 

واستكمل: “بالإضافة إلى المساعدة في بناء قدرات الجيش اللبناني، يجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تسعى إلى سد الفجوة بين الموقفين اللبناني والإسرائيلي، وأن تدفع الجانبين إلى تقديم تنازلات، بما يخدم مصلحة الطرفين في نهاية المطاف، ويضمن الأمن الإقليمي. في الواقع، تتمتع الولايات المتحدة بموقع فريد يؤهلها للقيام بذلك، ولكن كما ذُكر سابقاً، فإن صبر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدأ ينفد. كذلك، يجب أن تُدرك إسرائيل أنها تُلحق الضرر بنفسها باستمرارها في احتلال الأراضي اللبنانية دون مبرر أمني واضح، بينما يجب على لبنان أن يُدرك أن البيئة الاستراتيجية الجديدة قد تحولت بشكل كبير لصالح إسرائيل، وأن نافذة الفرصة للتدخل الأميركي لن تبقى مفتوحة إلى الأبد”.
وختم: “أسوأ سيناريو محتمل للبنان هو فقدان الولايات المتحدة اهتمامها به.. لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، ولكن على عكس الماضي، لم يعد هذا السيناريو مستبعداً، خاصةً إذا استمر لبنان في تجنب القرارات الصعبة المتعلقة بنزع سلاح حزب الله وتأجيل حل الأزمة”.