العودة السعودية إلى لبنان: اهتمام بلا تمويل

22 أبريل 2025
العودة السعودية إلى لبنان: اهتمام بلا تمويل


منذ انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية عام 2016، بدأت ملامح التحوّل الكبير في تعاطي السعودية ودول الخليج مع لبنان. اتخذت المملكة حينها قرارًا واضحًا بمقاطعة لبنان سياسيًا، وانسحبت بشكل كامل من تفاصيل المشهد اللبناني. لم تعد تعبّر عن مواقفها من التطورات الداخلية، ولا تتدخل في “زواريب” السياسة اللبنانية كما اعتادت لعقود. هذا الغياب أدّى إلى تراجع واضح في الحضور الخليجي، وانعكس سلبًا على الواقعين الاقتصادي والسياسي، خاصة أن العلاقات الخليجية كانت دائمًا مصدر دعم معنوي ومادي أساسي للبنان.

لكن المشهد اليوم بدأ يتغير. فعلى الرغم من أن المملكة لم تعلن عودتها الرسمية، إلا أن بصمتها السياسية عادت لتُرصد في مفاصل أساسية. هناك اهتمام متجدد بالشأن اللبناني، ومقاربة جديدة تقوم على مراقبة دقيقة للوقائع من دون الغرق في التفاصيل اليومية، وهو ما منح السعودية هامشًا واسعًا من التأثير، لكن من دون تقديم أي دعم مالي أو اقتصادي مباشر. المملكة تواكب الأحداث، وتدعم السلطة الحالية ورئيس الجمهورية جوزيف عون تحديدًا، لكنها لا تربط هذا الدعم المعنوي بأي التزامات ملموسة تُجاه لبنان.

السياسة السعودية الحالية واضحة: لا عودة اقتصادية ولا مالية، ولا حتى سياسية للرئيس سعد الحريري. فخروجه من المشهد تم بقرار سعودي، وعودته تحتاج إلى تبدّل عميق في المواقف، وهو ما لم يحصل بعد. الأفق السعودي يتّجه نحو الانتخابات النيابية المقبلة، حيث تنتظر المملكة ما ستُفرزه من نتائج لتبني على الشيء مقتضاه.

وترى السعودية أن الهزيمة السياسية التي لحقت بـ”حزب الله” مؤخرًا فتحت أمامها نافذة نفوذ جديدة، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن الزخم الاميركي في لبنان لا يزال قويًا ويُقيّد حركتها. ومع ذلك، فهي بدأت تستعيد جزءًا من هذا النفوذ، معتمدة على تحولين أساسيين: الأول هو تراجع الاهتمام الاميركي التدريجي بالمنطقة وبلبنان تحديدًا، والثاني هو ما قد تفرزه الانتخابات المقبلة من تحولات في موازين القوى. المملكة حاضرة، ولكن على طريقتها: ترقب، تأثير سياسي محدود، ولا التزامات مالية في الأفق.