حـزب الله في مواجهة التوازنات السياسية الداخلية: محاصر ولكن ثابت

23 أبريل 2025
حـزب الله في مواجهة التوازنات السياسية الداخلية: محاصر ولكن ثابت


يعيش “حـزب الله” لحظة سياسية دقيقة في الداخل اللبناني، يراها من أكثر اللحظات حساسية منذ العام 2005، وربما في تاريخه. فالحزب يعتبر نفسه اليوم شبه محاصر على المستوى الداخلي، في ظل زخم أميركي غير مسبوق يفعل هذا الحصار عبر قوى سياسية لبنانية عديدة. ورغم ذلك، فإن الحزب لا ينظر إلى وضعه الداخلي على أنه ضعيف، بل على العكس، يرى أنه ثابت وأقوى بكثير مما كان عليه بعد اغتيال رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري.

يُدرك الحزب أن دائرة حلفائه تقلصت إلى حدّ بعيد، وأن الحليف الفعلي الوحيد المتبقي له هو شريكه الشيعي، أي حركة أمل. هذا الثنائي ما زال يحتفظ بتماسكه الكامل، ويشكّل قاعدة متينة في وجه أي عزل داخلي محتمل. لكن، وفي مقابل تراجع عدد الحلفاء، لا يرى الحزب أن هناك عداءات مباشرة أو جبهات مفتوحة ضده كما كانت عليه الحال في محطات سابقة.

الوضع على الساحة الدرزية مثال على ذلك. فعلى الرغم من كل التعقيدات، فإن التنسيق القائم بين الثنائي الشيعي والنائب السابق وليد جنبلاط يجعل العلاقة بين الطرفين مقبولة وهادئة، ما يساهم في الحفاظ على أجواء غير تصادمية في الجبل.

على الساحة السنية، تغيّر المشهد كثيرًا، فالحرب في غزة والتطورات الأخيرة على الحدود الجنوبية ساهمت في خفض مستوى العداء، وخلقت نوعًا من التوازن المقبول، بالمقارنة مع الانقسام الحاد الذي كان قائمًا في 2005. لا يمكن الحديث عن خصومة سنية شاملة اليوم، بل عن تباين في المواقف لا يتطور إلى اشتباك.

أما على الساحة المسيحية، فهناك التحدي الأكبر. فخسارة التيار الوطني الحر كحليف استراتيجي شكلت ضربة جدية، خصوصًا أن التيار كان يتمتع بقاعدة شعبية وازنة. إلا أن هذه الخسارة لم تتحول إلى خصومة مفتوحة، فالتيار لم يصبح عدوًا للحزب، بينما بقيت القوى المسيحية التقليدية على خصومتها المعروفة، دون أن تنجح في انشاء جبهة وطنية موحدة ضده.

بالتالي، يرى الحزب أن ما يعيشه اليوم، رغم كل التحديات، لا يمثّل انهيارًا أو حصارًا خانقًا. وإذا كانت هذه اللحظة هي ذروة الزخم المناوئ له، فإنها لحظة مقبولة يمكن احتواؤها، وهو ما يجعله مطمئنًا إلى أن ميزان القوى لم ينكسر بشكل نهائي.