في أول زيارة له إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ألقى رئيس الجمهورية جوزاف عون كلمة شدد فيها على رؤية إنسانية للسياسة، معتبرًا أن السياسة يجب أن تكون “نشاطًا إنسانيًا هدفه خير الإنسان، لا أداة للسلطة وخير الحاكم”.
وقال: “يمرُّ الزعماءُ السياسيون عادةً، في ثلاثِ مراحل. في مرحلةٍ أولى، حين يصلون إلى السلطة، يكونون منفتحين على الإستماعِ إلى الآخرين إذ يعرفون أنهم لا يعرفون فيحاولون أن يفهموا كيف يؤدون دورَهم الجديد”.
تابع:” بعد فترة، يقتنعون بأنهم راكموا ما يكفي من تجربة. وأنهم باتوا يعرفون ما يكفي، ليتخيّلوا بأنهم فهموا كلَ شيء وهذه هي المرحلة الأكثرُ خطورة، مرحلة “الثقةِ المُفرطة، حين لا يعودون يستمعون إلى أحد”.
وقال:” فقط، بعضُ الزعماءِ يبلُغون المرحلة الأخيرة مرحلةَ النضجِ السياسي حيثُ نكتشفُ أنّ تجربتَنا لا تشكّلُ الخُلاصةَ الكاملة للمعرفة السياسية إطلاقاً، فنعودُ إلى الإنصات للآخرين، لكنّ غالبيةَ الزعماء، لا يبلغون هذه المرحلة أبداً”.
واستطرد:” فهنا، وفقط هنا، يلتقي العمالُ مع أربابِ العمل مع كلِ أطرافِ الإنتاج الوطني مع كلِ محرّكي الاقتصادِ الواسع، مع تمثيلٍ شاملٍ لكلِ يدٍ تتعبُ وتكِدُّ، لتُنتِجَ في أرضِنا وبلدِنا”.
أضاف:” ففي الشأنِ العام، ثمةَ مدرستان مدرسةٌ تعتقدُ بأنّ السياسةَ هي نشاطٌ سُلطوي محورُه الحاكم وهدفُه خيرُ الحاكم. أو في أوسعِ الآفاق، خيرُ حزبِ الحاكم. أو خيرُ “ألحزبِ الحاكم”. وهناك مدرسةٌ ثانية، تؤمنُ بأنّ السياسةَ هي نشاطٌ إنساني محورُه الإنسان وهدفُه خيرُ الإنسان أولاً وأخيراً، وأنا حضراتِ السيداتِ والسادة، من المؤمنين بالمدرسة الثانية منذ وُلدتُ ونشأتُ في عائلتين، يشمَخُ تواضعُهما، بالشرفِ والتضحية والوفاء، وحتى نلتُ شرفَ أنْ أكونَ الخادمَ الأولَ لأهلي وشعبي، فأنا إبنُ هذه الأرض. الطالعُ من جذورِها وترابِها وعرقِ الجباهِ الكادحة. بلا عِقدٍ من أيِ نوع، ولا ادعاءاتٍ من أيِ صنف”.
وقال:” لذلك، أنا أحتاجُ إليكم كما إلى كلِ لبنانيٍ حر أحتاجُ إلى رأيِكم. إلى مشورتِكم. إلى خُبراتِكم وعِلمِكم وتخطيطِكم ودراساتِكم، وهذا ما حققه مجلسُكم الكريم، برئاسةِ الأستاذ شارل عربيد وكلِ الأعضاء حين باتَ قانونُكم المعدّل، والذي أقرّه المجلسُ النيابي مشكوراً، يُلزِمُ الحكومةَ باستشارتِكم، في كلِ شأنٍ اقتصاديٍ أو اجتماعيٍ أو بيئي ويفتحُ للمؤسساتِ الدستورية الأخرى، بابَ الحقِ باستشارتِكم أيضاً”.
وطالب “بعدم التنازل عن هذا الحق وعدم التساهل في أدائِه”.
وقال:” وأنا هنا اليوم، لأتعهدَ لكم بأن أكونَ معكم، أحمي واجبَكم وحقَكم، وأحتمي برأيِكم وفكرِكم، لنحققَ جميعاً خيرَ أهلِنا وشعبِنا، خيرَ الإنسان، في وطنِ الإنسانِ لبنان”.