أقرّوه من دون فهمه.. قانون السرية المصرفيه بات نافذاً والتطبيق شبه مستحيل

25 أبريل 2025
أقرّوه من دون فهمه.. قانون السرية المصرفيه بات نافذاً والتطبيق شبه مستحيل


كان من الطبيعي والبديهي أن لا يفقه العدد الأكبر من النواب في الجلسة التشريعية بالأمس على ماذا صوتوا وماذا أقروا في ما خص قانون رفع السرية المصرفية كما أتى من الحكومة. السبب مزدوج لعدم المعرفة في القانون، فالصراخ والفوضى التي عمّت قاعة الهيئة العامة حجبت صوت النقاش وصوت العقل على الحضور، نيابيا كان أم صحافيا، متابعا لإقرار قانون السرية المصرفية حيث كان السؤال من قبل الجميع كيف أقرت الصيغة النهائية وما هو النص المعتمد ؟ هل أزيلت هذه العبارة أو الفقرة أم بقيت؟








هذه الأسئلة كانت سيدة الموقف. اما السبب الثاني لعدم فهم القانون من قبل النواب فهو مضمونه الغامض الذي إنتقده عدد كبير منهم إن على الهواء مباشرةً أو في الأروقة وفي دردشاتهم بين بعضهم ومع الصحافيين ولكنهم صوتوا عليه إرضاء لكتلهم ولدورها المتعاون مع صندوق النقد الدولي.

مصدر نيابي إعتبر أن قانون رفع السرية المصرفية يتناقض مع الدستور لعدد من الأسباب وخاصةً لناحية نسف قانون السرية المصرفية الذي أقر سنة ١٩٥٦ وكان السبب الأساسي للفورة المالية والإقتصادية في لبنان ولتدفق الودائع بالمليارات وخاصةً من الدول العربية المجاورة والخليجية وغيرها من الدول ،حيث شكلت السرية المصرفية الامان لهذه الودائع .

المصدر لفت الى أن هناك قوى سياسية إضطرت للسير بهذا القانون على الرغم من أنها تدرك أنه يؤثر على الوضعية المالية في لبنان وعلى القطاع المالي والمصرفي، ولكن جهات خارجية ومنها دولية ومالية تصر على هذا الإتجاه وتفرض عددا من القوانين على الحكومة. إلا أن المصدر أشار الى أن مجلس النواب أقر عام 2022 قانونا لرفع السرية المصرفية وكان منطقياً اكثر مما هو عليه اليوم حيث كان القضاء هو الجهة الأساسية التي لها صلاحية رفع السرية المصرفية . المصدر لفت الى أن لبنان لديه العديد من القوانين التي تكافح تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي فلا ضرورة للتذرع بهذه الأخطار من أجل تمرير رفع السرية المصرفية بطلبات وبتمنيات وحتى فرض من الخارج كشرط للمتابعة في النقاش وصولا الى الاتفاق مع صندوق النقد .

في سياقٍ آخر لفت مصدر قانوني يعنى بالشأن المالي الى أن عددا كبيرا من المودعين العرب والأجانب وضعوا ثقتهم وأموالهم في لبنان بسبب وجود قانون السرية المصرفية ، ولولا هذا القانون لكانت هذه الودائع ذهبت الى دبي أو قبرص او غيرها من الدول . المصدر أكد أن النهوض المالي والنقدي والمصرفي من دون سرية مصرفية لعودة الثقة صعب جداً وهذا ما كان يميز لبنان عبر تاريخ الجمهورية اللبنانية.
مصدرٌ مالي رسمي أكد ان ما تم إقراره بالامس، أي قانون رفع السرية المصرفية وتوسيع حجم وعدد الجهات الرقابية والمالية التي تمتلك الحق بطلب رفع السرية المصرفية عن حسابات الأشخاص والكيانات، هو بطريقة غير مباشرة انتقاص من صلاحية مصرف لبنان وحاكم المصرف المركزي تجاه القضايا المالية في لبنان.

وقال: على سبيل المثال ما هو السبب الذي دفع بالحكومة لإعطاء الهيئة الوطنية لحماية الودائع حق رفع السرية المصرفية؟هل من أجل الكيدية السياسية في المستقبل؟.

المصدر المالي حزم بأن تطبيق هذا القانون شبه مستحيل بسبب الغموض الذي يكتنفه وغياب المراسيم التطبيقية له ، وهذا ما يظهر من خلال فسح المجال لوزير المال ان يقترح كيفية التطبيق على الحكومة لتصدر مرسوما تحدد فيه كيفية العمل والتصرف في حال ظهرت إشكاليات في التنفيذ لدى البدء بتطبيق قانون رفع السرية المصرفية.

المصدر ختم أن هذه العجلة في إرسال القانون، دون درس معمق لسلبياته، الى المجلس النيابي وإقراره من دون فهم كامل لمخاطره على الوضع النقدي في لبنان يؤكد بالدليل القاطع أن ما حصل هو لإرضاء صندوق النقد وللدفع نحو إتفاق مالي مع لبنان ، ولكن بهذه الطريقة يحجب عن لبنان مليارات كانت ستدخل بيروت في القريب العاجل .