كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: لا يُمكن الضغط على حزب الله لتسليم سلاحه، قبل أن يتمّ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. فهذا الأمر بات محسوماً رغم كلّ ما يُحكى عن ضغوطات خارجية على الدولة اللبنانية لنزع السلاح. ففي الوقت الذي يشترط فيه الحزب إنسحاب “إسرائيل” من الأراضي المحتلّة جنوب لبنان، ووقف اعتداءاتها المستمرّة وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين (وعددهم 18 أسيراً)، قبل تسليم وليس “نزع” (كونه يرفض هذه العبارة) السلاح الى الدولة اللبنانية، تشترط “إسرائيل” في المقابل نزع سلاح الحزب قبل تنفيذ الإنسحاب ووقف الإعتداءات والإفراج عن الأسرى.
غير أنّه بالعودة الى اتفاق وقف إطلاق النار الذي حاولت “إسرائيل” التملّص منه، وصولاً الى إلغائه أخيراً، كونه لا يصبّ في مصلحتها، ولم تتمكّن، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، ولا تزال تخرقه بشكل سافر، ولم تلتزم به منذ اللحظة الأولى لاعتماده، فإنّ اتفاق وقف النار الذي وُقّع بين لبنان و”إسرائيل” ودخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الفائت بوساطة أميركية، ينصّ على أنّه بعد الإلتزام والإنسحاب “الإسرائيلي” من الجنوب، يقوم الجيش اللبناني بنشر عناصره فيه. وقد نشر الجيش اللبناني أكثر من 6 آلاف عنصر، أي أنّ الدولة اللبنانية بسطت سيطرتها في الجنوب. وهذا يعني بأنّه على “إسرائيل” تنفيذ الإنسحاب أولاً قبل أي شيء آخر. أمّا موقف لبنان الرسمي من هذا الأمر، فهو واضح، على ما تلفت المصادر، وسيُصار الى تطبيقه في المرحلة التي تلي تنفيذ الإصلاحات من قبل الدولة اللبنانية.
ويتعلّق بإنشاء لجنة تفاوض واحدة عسكرية ومدنية، على أن تكون تقنية وليس سياسية، لمناقشة آلية الإنسحاب “الإسرائيلي” من الجنوب، وإتمامه خلف الخط الأزرق، ومعالجة النقاط المتنازع عليها. على أن يُصار لاحقاً الى تثبيت خط الهدنة من خلال العودة الى اتفاقية الهدنة الموقّعة في العام 1949، والتي نصّ عليها القرار 1701. وثمّة إجماع على أن يكون الترسيم البرّي منطلقاً من هذه الإتفاقية.
في هذا الوقت، يتطلّع لبنان، وفق المصادر، الى الضغط الأميركي على “إسرائيل” للقبول بالعودة الى اتفاقية الهدنة، سيما وأنّ أطماعها التوسعية معروفة، وهي لا تلتزم لا بالقرارات ولا بالإتفاقيات الدولية التي تُعيد للبنان حقوقه، بل تعمل على تغيير خريطة الشرق الأوسط ككلّ من خلال تمدّدها الى دول الجوار.. وتقول المصادر بأنّ استمرار “إسرائيل” في خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وفي اعتداءاتها الوحشية واللاأخلاقية على القرى الجنوبية التي دمّرتها بشكل كامل لمنع عودة أي حياة اليها، ما لم يعد مستوطنو الشمال الى منازلهم، يزرع المزيد من الحقد في نفوس الجنوبيين. ومن شأن الإستمرار في هذه التعديات الوحشية أن تؤسس لانتقام مؤجّل، في حال لم يستلحق “الإسرائيلي” نفسه، وينسحب ويبدأ بالتفاوض على الترسيم البرّي على أساس اتفاقية الهدنة. أمّا الولايات المتحدة التي تمنع لبنان اليوم من إعادة إعمار الجنوب والضاحية والبقاع، بيد “الإسرائيلي” الذي يهدم كلّ ما يجري ترميمه، على ما أشارت، فلن تستمرّ باتخاذ هذا الموقف، بحسب المعلومات، خصوصاًوأن الدولة اللبنانية تُظهر جديتها في تنفيذ الإصلاحات، ولا سيما من خلال مشاركتها أخيراً في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن بوفد رسمي، كما من خلال حصر السلاح بيد القوى الشرعية في جنوب لبنان. وتقوم عبر سياسييها وديبلوماسيتها بالتعويل على الدور الأميركي لحلّ المشكلة القائمة، والالتزام باتفاق وقف النار. ولكن لا تنتظر من لبنان أن يرمي أوراق القوّة التي يحتفظ بها سدى، بل هو يجمعها لوضعها على طاولة التفاوض غير المباشر مع “الإسرائيلي” برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة، ومن ضمن هذه الأوراق بالطبع حالة حزب الله وسلاحه، من أجل تحقيق الأهداف الوطنية واستعادة لبنان لحقوقه وإعادة الإعمار. ومن المتوقّع أن تنعكس المحادثات الأميركية- الإيرانية بشكل إيجابي على منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما على لبنان، على ما ترى المصادر، ما يجعل التشدّد “الإسرائيلي” الذي لا يريد أن يسكن “الشيعة” عند حدود المستوطنات الشمالية، كما الرفض السوري نفسه عند الحدود اللبنانية- السورية، يزولان..