كتبت سابين عويس في”النهار”: بدا لافتاً قول رئيس المجلس النيابية نبيه بري تعليقاً على الغارة الاسرائيلية الاخبرة ، إنها ترمي إلى محاولة فرض قواعد اشتباك جديدة على لبنان، قوامها “سنضرب حيث نريد ومتى نريد”، الأمر الذي لا يمكن أن تقبل به الدولة ولا المقاومة، معتبراً أن الاعتداء على الضاحية “يحمل بُعدا آخر أيضاً يتمثل في التشويش على المفاوضات الأميركية – الإيرانية”، ولافتا إلى “أن الكيان الإسرائيلي محشور إزاء المسار الإيجابي الذي تتخذه المفاوضات”.
وفي حين لم يوضح بري ما سيكون عليه الموقف اللبناني الرسمي لمواجهة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، دعا إلى التوقف عند دلالات موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لن يسمح لنتنياهو بأن يجره إلى حرب.
ويلاحظ أن بري بدأ منذ فترة يتمايز في موقفه من سلاح الحزب ومن عمل “المقاومة”، إذ عاد إلى ربط الموقف اللبناني بالدولة والمقاومة، معطيا سلاح الحزب الشرعية مجددا، بعدما كان وافق باسمه وباسم الحزب على بنود اتفاق وقف النار القاضي بنزع هذا السلاح. وكانت مواقفه تصب دائماً في سياق الدولة ومسؤوليتها.
أوساط عين التينة تضع كلام بري في خانة الإضاءة على واقع جديد ترسمه إسرائيل التي لم تحترم توقيعها اتفاق وقف النار، فيما لبنان نفذ أكثر من ٩٠ في المئة منه. وهو يحاول التذكير بأن الاحتلال يفرض المقاومة ويعزز وجودها، ويتخوف من أن استمرار الاعتداءات سيؤدي إلى إفقاد الدولة هيبتها ويضعها في موقع المساءلة، في ما لو عجزت عن تنفيذ التزاماتها وحماية أرضها وشعبها.
ثمة من يسأل عن خلفية كلام بري، وهل تتصل بالمفاوضات الأميركية- الإيرانية، باعتبار أن سلاح الحزب قد يشكل بنداً فيها، أو أنها محض داخلية وتتعلق بالانتخابات البلدية والاختيارية التي يخوضها لبنان اعتباراً من الأحد المقبل، والتي تحتاج إلى ملامسة المزاج الشعبي للناخبين؟
لا يملك لبنان الرسمي خيارات كثيرة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، باستثناء التزام تنفيذ القرارات الدولية، وهو ما أعاد تأكيده رئيس الجمهورية أمس لناحية أن القرار اتخذ بحصر السلاح في يد الدولة. ولا بد هنا من التذكير بمسارين رسمهما الرئيس لتنفيذ هذا الالتزام، أحدهما يتمثل في الجانب الديبلوماسي المرتكز على الحركة الديبلوماسية مع دول القرار للضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ الجانب المتعلق بها من اتفاق وقف النار والقرار ١٧٠١ والانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها. والمسار الثاني يرتكز على الحوار الثنائي الذي بدأ رئيس الجمهورية العمل عليه مع الحزب ولا يزال حتى الآن في مرحلة التشاور غير المباشر عبر وسطاء.
وتنفيذ هذين المسارين من شأنه أن يسحب ذرائع من يد إسرائيل تدفعها إلى الاستمرار في اعتداءاتها، ولا سيما أن لها أهدافا وأطماعا أخرى مضمرة في استهدافها الضاحية الجنوبية للعاصمة، لا تقف عند ضرب مواقع للحزب وإنما ترمي أيضاً إلى زعزعة الاستقرار وإرساء مناخ مضطرب عشية موسم سياحي واعد، وتوقعات بحركة ناشطة تساعد البلاد على تعويض بعض ما خسرته في الحرب الأخيرة.