المجلس الأعلى للدفاع… خاطب الجارة لتسمع الكنّة

4 مايو 2025
المجلس الأعلى للدفاع… خاطب الجارة لتسمع الكنّة


في أول اجتماع له بعدما اكتمل عقده أقرّ المجلس الأعلى للدفاع رفع توصية إلى مجلس الوزراء بتحذير حركة “حماس” من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي اعمال تمس بالأمن القومي اللبناني، “حيث سيتم اتخاذ اقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية”، فيما أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على “عدم التهاون تجاه تحويل لبنان منصة لزعزعة الاستقرار، مع الاخذ بعين الاعتبار أهمية القضية الفلسطينية وعدم توريط لبنان بحروب هو بغنى عنها وعدم تعريضه للخطر”.

 

 

 فما قرّره المجلس الأعلى للدفاع، وهو أعلى سلطة عسكرية، والتي يرأسها رئيس الجمهورية، ليس خطوة منفردة عن خطوات أخرى سيتمّ اتخاذها لاحقًا وعلى التوالي، وهو ليس خطوة أولى في مسيرة الألف ميل لاستعادة السيادة اللبنانية على كامل الأراض اللبنانية، بل يندرج من ضمن سلسلة من الخطوات، التي سبق أن بدأها الجيش في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني بما يوازي ثمانين في المئة من مهامه الأساسية في تلك المنطقة لجهة سحب سلاح “حزب الله” وأي سلاح غير شرعي آخر ريثما تنجح الضغوطات الدولية على إسرائيل لسحب جيشها من كامل الأراضي الجنوبية، التي لا تزال تحتّلها، وذلك تنفيذًا لقرار اتفاق وقف اطلاق النار وما نصّ عليه لجهة حصرية السلاح في أيدي القوى الشرعية وحدها دون سواها من قوى الأمر الواقع، تمهيدًا لسحب أي سلاح، سواء أكان في حوزة “حزب الله” أو غيره من المنظمات الفلسطينية خارج المخيمات ولاحقًا داخلها، بدءًا من جنوب الليطاني وصولًا إلى ابعد نقطة حدودية شمالًا وشرقًا.

 

وهذه الخطوة التي ستلي ما تمّ تنفيذه حتى الآن من خطوات تنفيذية على أرض جنوب الليطاني في انتظار الانسحاب الإسرائيلي التام والشامل، ستتمّ معالجتها وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، على حدّ مقاربة الرئيس عون لهذا الملف، الذي لا يمكن التعاطي معه بانفعال وتسرّع، بل يتطلب حوارًا رصينًا وهادئًا وهادفًا.

 

فهذا الحوار وفق ما يخطّط له رئيس الجمهورية سيقود حتمًا إلى نتائج ملموسة، وإن متأخرة قليلًا. وهذا يعود إلى الطريقة، التي سيقارب بها “حزب الله” ملف سلاحه بعد أن يقتنع بأن لا شيء يحمي البلاد والعباد سوى الدولة بقواها الشرعية، وبأن هذا السلاح الشرعي هو الوحيد، الذي يمكن أن يكون خشبة خلاص لجميع اللبنانيين، وبالأخصّ لبيئة “حزب الله”، التي عانت أكثر من غيرها بكثير، ولا تزال تعاني، من آثار الحرب الضروس، التي شنتّها إسرائيل ضد لبنان، وبصورة خاصة ضد المناطق الحاضنة لـ “المقاومة الإسلامية” في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.

 

فإذا اقتنعت قيادات “حزب الله” بأن لا بدّ من تسليم أمر السلاح إلى الدولة كخطوة أولى فإن الحوار يكون مجديًا، وقد يؤدي إلى الخواتيم، التي من شأنها أن تعزّز قدرات هذه الدولة، التي بدأت تلملم بعضًا مما فقدته من مقومات أساسية خلال فترة الفراغ الرئاسي. وهذا ما شدّد عليه الرئيس عون خلال زيارته لدولة الأمارات العربية المتحدة، عندما أكدّ أن مسيرة إعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها بدأت، وأن لا عودة إلى الوراء أيًّا كان حجم التضحيات.

 

فما قرّره المجلس الأعلى للدفاع ليس سوى البداية لاسترداد ما أفقد الدولة هيبتها وعلّة وجودها. وبالطبع لن تكون هذه الخطوة، التي ستوضع على سكّة التنفيذ يتيمة، بل ستليها خطوات مماثلة وشبيهة، وإن على مراحل ووفق آلية محدّدة الأهداف والبرامج والخطوات، بحيث لا تأتي الخطوة الأولى ناقصة أو تشوبها أي شائبة. وعلى أساس هذه الخطوة الأولى يُبنى على الشيء مقتضاه بما يؤمّن استقرارًا داخليًا مستدامًا توازيًا مع الاتصالات الديبلوماسية، التي يقوم بها رئيس الجمهورية من أجل الضغط على إسرائيل لكي تنسحب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها.
فما قاله المجلس الأعلى أمس الأول لـ “الجارة حماس” قاله بالفم الملآن حتى تسمعه “الكنّة”.