انتهت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية بسلاسة وديمقراطية، كما وصفها وزير الداخلية أحمد الحجار عند إقفال صناديق الاقتراع. إلا أنه، ومع بدء عملية الفرز، بدا أن القطاع الخاص يتفوق بشكل واسع على القطاع العام في موضوع الفرز وإظهار النتائج، التي استمر صدورها حتى ساعات الصباح الأولى، ما أعاد إلى أذهان المواطنين السؤال عن التصويت والفرز الإلكتروني. فما الذي يمنع اعتماد هذا النوع من التصويت لتوفير الكثير من الجهد والوقت في عملية الفرز؟
ما هو التصويت الإلكتروني؟
في تعريف مبسط، يشير التصويت الإلكتروني إلى الاعتماد على التكنولوجيا لإجراء الانتخابات، حيث يمكن للناخبين الإدلاء بأصواتهم باستخدام أجهزة إلكترونية أو عبر الإنترنت، مما يجعل العملية أسهل وأسرع. يقدم التصويت الإلكتروني فوائد واضحة، منها السرعة في فرز الأصوات والدقة في النتائج، مما يحد من الأخطاء البشرية المرتبطة بالأنظمة التقليدية، كما يتيح للناخبين التصويت بسهولة في مراكز الاقتراع باستخدام الأجهزة الإلكترونية.
وعلى الرغم من فوائده الكبيرة، تواجه هذه التقنية تحديات أمنية خطيرة تتعلق بالقرصنة والاختراقات، مما يهدد نزاهة الانتخابات. كما أن هناك مخاوف حول الخصوصية، حيث قد يتم استغلال البيانات الشخصية للناخبين إذا لم تُؤمَّن الأنظمة بشكل جيد. لذلك، تبقى الثقة في هذه الأنظمة موضع تساؤل لدى كثير من الناس.
ماذا يقول أهل الاختصاص؟
سؤال حملناه إلى المدير في شركة Koein المشغّلة لهذا النوع من التصويت، نجيب عبد النور، الذي شرح برنامج “رصد” الذي طورته الشركة، والذي باتت العديد من الأحزاب والمرشحين يعتمدونه في العملية الانتخابية وعملية الفرز.
يشير عبد النور في حديثه إلى “لبنان 24” إلى أن برنامج “رصد” هو برنامج متطور جداً، حيث يرافق كل مندوب في أقلام الاقتراع جهاز متصل بالماكينة الانتخابية المركزية، ما يُمكّن المندوب من تحديد الأشخاص الذين حضروا للاقتراع ومن لم يصل بعد، وفقاً للوائح الشطب، إضافة إلى تفاصيل أخرى عن كل ناخب، مثل حاجته إلى وسيلة نقل وغيرها من المعلومات.
ويتابع عبد النور: “الماكينة الانتخابية تكون على اطلاع مستمر ودقيق على ما يجري في كل قلم اقتراع، من تعداد الناخبين وحتى عملية الفرز، حيث تكون النتائج محدثة لحظة بلحظة وفي الوقت نفسه من جميع الأقلام، وبالتالي تصدر النتائج بشكل أسرع وأكثر فاعلية ودقة، بعيداً عن الورقة والقلم، الذي يستغرق وقتاً طويلاً”.
هذا التطبيق، الذي اعتمده بعض المرشحين في الانتخابات البلدية والاختيارية، تعتمده أيضاً الأحزاب في أي عملية انتخابية، سواء كانت داخلية أو نيابية أو حتى بلدية، ما يسرّع عملية فرز الأصوات التي تستغرق في الحكومة حوالي 10 ساعات للوصول إلى المحافظات وجمع الأصوات وإعلان الفائزين.
فهل يمكن تطبيق هذه التقنية من قبل القطاع العام؟
سؤال طرحناه على متخصصين في التكنولوجيا، فأكدوا أن هذا النوع من التصويت يوفّر على الدولة الكثير من الأموال من ناحية المستلزمات المطلوبة ليوم الانتخاب، كما يخفف من مشكلات الصناديق والأقلام والفرز اليدوي وضياع الأصوات والطّعون الناتجة عن هذه العملية. كذلك، يمنع إلغاء الأصوات، لأن التصويت الإلكتروني يُلزِم بإتمام العملية بشكل كامل، وبالتالي لا وجود للأصوات الملغاة. هذا يضمن شفافية عالية ونزاهة كبيرة في العملية الانتخابية، كما أن نسبة الأخطاء ستكون أقل بكثير من التصويت العادي.
وعن الحاجة إلى إنترنت سريع لإجراء هذه العملية، وما قد ينتج عن مشاكل الاتصال في لبنان، شدّد الخبراء على أن الأمر لا يتطلب إنترنتاً، بل خادم داخلي (Close Server) يُسهّل عملية الانتخاب والفرز على مستوى الوطن.
هذا التصويت الإلكتروني، المعتمد في نقابة المحامين، أظهر إيجابيات كثيرة في عمليتي التصويت والفرز، وفي تقليل هدر الوقت بانتظار النتائج. فهل ستتمكن الدولة من اتخاذ هذا القرار الصعب واللجوء إلى هذا النوع من التصويت والتقدّم التكنولوجي؟