يوميات الرعب في لبنان

7 مايو 2025
يوميات الرعب في لبنان


على ما يبدو دخل لبنان مجددا في دوامة العنف الأمني، مع ارتفاع أعمال النشل والجرائم، إذ شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية عددًا من الفيديوهات الخطيرة، التي أظهرت سقوط ضحايا تحت رحمة لصوص، في مشهد شبه يومي بات يتكرر في مناطق مختلفة من لبنان.








ما يظهر فعليا أنّ ما شهده لبنان من جرائم متعددة خلال الاشهر الماضية عاد ليعيش نفس السيناريو، وبوتيرة أسرع هذه المرة، لتتحول هذه الجرائم إلى كابوس يومي عاد ليقلق اللبنانيين، وسط تقارير أمنية وإعلامية متعددة ترسم الصورة القاتمة.

ومن هنا، لا بدّ من الوقوف بشكل أساسي عند الواقع الاقتصادي المتدهور، الذي بات أرضًا خصبة للجريمة. البطالة المستفحلة، الفقر المدقع، والليرة التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها، كلها عناصر تدفع البعض إلى ارتكاب المحظور تحت ضغط الحاجة. لكن الجريمة لا تُبرَّر، والردع لا يُمكن أن يظلّ ضعيفًا. فحين يشعر المواطن أن الدولة غائبة أو متفرجة، يصبح كل شيء مباحًا. المشكلة لا تكمن فقط في الجريمة، بل في عجز الدولة عن مواجهتها. قوى الأمن الداخلي، رغم جهودها، تعاني من نقص في التمويل والعتاد وحتى الرواتب. التعيينات الأمنية الأخيرة ومحاولات تجنيد عناصر جدد، قد تكون ضرورية، لكنها تبقى بلا أثر ملموس إذا لم تُرفق بإرادة سياسية حقيقية وإصلاح إداري شامل. فكيف يمكن لجهاز أمني أن يفرض هيبته، فيما يئن تحت وطأة الأعباء المتزايدة؟

مناطق الجنوب والشمال التي لطالما كانت مسرحًا للتوترات، تبدو اليوم الأكثر هشاشة. في ظل توترات حدودية من جهة، وتراكم الأزمات الاجتماعية من جهة أخرى، يتحوّل الأمن إلى ترف لا يملكه الجميع. العودة المتكررة لعمليات السرقة وتفاقم التهديدات الأمنية، ليست مجرد مؤشرات مقلقة، بل إنذارات حقيقية بأن البنيان اللبناني يهتزّ. البلاد لا تحتاج فقط إلى خطط أمنية موسمية، بل إلى مشروع متكامل يعيد للدولة حضورها وهيبتها. فالخطر لا يكمن فقط في اللصوص، بل في تحوّل الجريمة إلى “عُرف” اجتماعي جديد في بلد اعتاد شعبه أن يعيش فوق الألم.

ما يزيد الطين بلّة، أن الجرائم لم تعد تقتصر على الليل أو الأماكن المهجورة. في الأسواق، في الطرقات العامة، وحتى على أبواب المدارس، تُسجّل حوادث سرقة وخطف واعتداء، ما يحوّل حياة الناس إلى سلسلة من الحسابات الدقيقة: متى نخرج؟ أي طريق نسلك؟ هل نحمل نقودًا أو نكتفي بالقليل؟.. حتى أصحاب المحال التجارية، الذين بالكاد يصمدون في وجه الانهيار الاقتصادي، باتوا ضحايا لهجمات مسلّحة متكررة. يقول أحدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “صرنا نضبّ المحل قبل الغروب.. ما حدا عم يسأل، والشرطة بتجي بس تكتب محضر وتفل”..”

هذا الواقع يأتي مترافقا مع بلاغات كثيرة بشأن عمليات السرقة والجرائم، ويوضح أن مشهدية سلسلة الجرائم التي شهدناها قبل أشهر، تتكرر اليوم، وبوتيرة أقوى مما كانت عليه، ما يطرح علامات استفهام حول جدوى توقيف المجرمين ومحاسبتهم من دون أن يكون لذلك اي أثر اجتماعي واضح يردع الاخرين.

 


المصدر:
خاص لبنان24