خطورة الأرقام.. هكذا كُشفت قوة الجماعة الإسلامية في إقليم الخروب

7 مايو 2025
خطورة الأرقام.. هكذا كُشفت قوة الجماعة الإسلامية في إقليم الخروب


لم تكن الانتخابات البلدية التي خاضتها الجماعة الإسلامية في إقليم الخروب بمثابة اختبار سهل، بل كانت عملية أساسية لـ”مراجعة الرصيد” الشعبي والثقل الحزبي.








في شحيم وكترمايا، استطاعت الجماعة أن تكون “رقماً صعباً” من خلال تقدّم انتخابي. ففي شحيم، كانت الجماعة على تحالفٍ مع النائب السابق محمد الحجار واستطاعت أن تصلَ مع الأخير إلى تحقيق فوز 13 عضواً من لائحة تم تكوينها من 19 عضواً. أما في كترمايا، فقد تمكنت الجماعة، ورغم “افتراقها” عن تيار “المستقبل” و الحزب “التقدمي الإشتراكي”، أن تصلَ بـ8 أعضاء مقابل 7 جاؤوا لصالح رئيس البلدية السابق يحيى علاء الدين الذين له باع طويل في المعارك الإنتخابية والبلدية، ويعتبر “عنصراً بارزاً” في الإستحقاق البلدي رغم “الهجمة” التي خاضتها الجماعة ضدّه.

“مشهدية” تقدّم “الجماعة” في شحيم وكترمايا تُوضع في كفّة، بينما مشهدية برجا في كفّة أخرى. في تلك البلدة، نجح إئتلاف الأحزاب التوافقي في إيصال 18 عضواً من أصل 21، من بينهم 6 أعضاء للجماعة الإسلامية. في المقابل، فإن الأنظار تتجه إلى 2 من الأعضاء الـ3 الذين خرقوا لائحة “الإئتلاف التوافقي” (عبد الرحيم الشمعة ومحمد حسن الجعيد وأحمد حسين حمية)، لاسيما أنهما (الجعيد والشمعة) يميلان إلى “الجماعة”، وأحدهما (الشمعة) هو شقيق مسؤول كبير فيها لكنه ترشّح ضد اللائحة التي تدعمها.

ما يقال هنا إنّ الجماعة استطاعت رفع عدد أعضائها إلى 8 في المجلس البلدي، وذلك إن صح القول إنّ 2 من “المُخترِقين” يميلان إليها (الشمعة والجعيد). لكن، ما هي قوة الجماعة الفعلية؟ هل يعتبر فوز مرشحيها في برجا تأكيدا على قوة فعلية يمكن البناء عليها للانتخابات النيابية المُقبلة عام 2026؟
في إطار تقييم الأرقام، فانّ ترتيب أعضاء الجماعة الـ6 ضمن لائحة الفائزين جاء وفق التالي: الأول (محمود سيف الدين) هو الثامن ضمن اللائحة بـ4229 صوتاً، الثاني هو العاشر (أحمد الطحش) بـ4064 صوتاً، الثالث (شكري الجنّون) هو الـ13 بـ3786 صوتاً، الرابع (بهجت سعد) هو الـ19 بـ3587 صوتاً، بينما الخامس (عمر شبو) هو الـ20 بـ3520 صوتاً والسادس (محمود الشمعة) هو الـ21 بـ3509 أصوات.

ماذا يعني ذلك؟ بقراءة بسيطة للترتيب والأرقام، يتبين أنّ “الجماعة” تم “تشطيبها” ولم تقم هي بـ”شطب” الآخرين، وهذا ما صرح أحد المسؤولين فيها لـ”لبنان24″، إذ قال هذا الأمر بصراحة مشيراً إلى أن الأرقام وترتيب المرشحين يؤكد هذا الأمر.

هنا، يقولُ أحد المقربين من الجماعة لـ”لبنان24″ إنّ “الجماعة أعطت ولم تُعطَ”، مشيراً إلى أن التنظيم “التزم” بالكامل بلائحة التوافق ولم يعمد “المتلزمون” فيه إلى “التشطيب” وذلك إلتزاماً بـ”العهد”
و”التكليف الشرعي” الذي صدر بشأن الإنتخابات.

إذاً، أمام هذا الاعتراف والأرقام، هل يمكن القول إن “الجماعة قوية” انتخابياً؟ المصدر المقرب من الجماعة يقولُ لـ”لبنان24″ إنه لو كانت الأخيرة تحظى بقوة كبيرة، لكانت شكلت لائحةً بمفردها، لكنها قررت هذه المرة الإنضواء خلف لائحة “التوافق البرجاوي” التي جاءت رافعة لها وتحديداً من خلال إسم المهندس ماجد ترو (الحزب التقدمي الإشتراكي). فعلياً، فإن ما فعلته “الجماعة” من خلال الاحتكام إلى “رافعة” حصل عام 2016 حينما اختارت التحالف مع رئيس البلدية السابق نشأت حمية الذي استطاع تحالفه مع الجماعة، إيصال 15 عضواً آنذاك من أصل 18. في الواقع، فإن وجود حمية جيّر أصواتاً لصالح الجماعة،  والأمر نفسه حصل من خلال ماجد ترو الذي استطاع وجوده أن يمنح الجماعة أصواتاً جاءت عبر “التزام الانتخاب بلائحة”.

مصدر متابع للماكينات الإنتخابية في برجا كشف لـ”لبنان24″ إنّ أرقام الناخبين توحي بأن نسبة الالتزام بانتخاب “لائحة كاملة” لم يتجاوز الـ50% من أصوات الناخبين (4000 تقريباً)، موضحاً أن “البلوك الانتخابي” للجماعة لا يتجاوز الـ1400 صوت كحد أقصى، وقد انتخب هؤلاء بشكل شبه كامل خلال الساعات الأولى من الاقتراع.

وفق المصدر نفسه، فإن النسبة المتبقية من المقترعين، ذهبت باتجاه “التشكيل”، أي عدم الالتزام بلائحة واحدة، وهو الأمر الذي ساهم في حصول “الاختراقات” وبالتالي تصاعد أرقام بعض من هم محسوبون على تيار “المستقبل” و “الإشتراكي” من جهة، وانخفاض رصيد مرشحي “الجماعة” من جهة أخرى، علماً أن أحد المخترقين، وهو شقيق مسؤول في “الجماعة الإسلامية”، استطاع أن يتبوأ المركز رقم 11 ضمن اللائحة ليفتح باب الخروقات ويتجاوز 4 من مرشحي الجماعة الأساسيين ضمن “التوافق”.

كل ذلك يقود، بحسب المصدر، إلى القول أن هناك “نقمة” واضحة على الجماعة الإسلامية، فالتشكيل الذي حصل أثر على مرشحيها ولم يؤثر على المرشحين الآخرين الأساسيين الذين جاؤوا بدعم مباشر من الأحزاب السياسية، فـ”الإشتراكي” استطاع أن يضمن الأسماء الأساسية التي يريدها (ماجد ترو ووجدي الغوش)، بينما من طرحهم “المستقبل” (خضر البراج، مصطفى الشمعة)، تصدّروا الواجهة ومعهم مرشح من “الشيوعي” (محمد كحول)، ليأتي مرشحو “الجماعة” في المرتبة التالية.

أمام كل ذلك، ما يتبين هو أن الجماعة تأثرت سلباً بأرقام الانتخابات رغم “مرور مرشحيها”، لكن ما ساعدها هو عدم تجاوز نسبة الإقتراع الـ50%. فعلياً، لو تجاوزت نسبة الاقتراع الـ55%، لكانت قوة “التوافق” ذابت تماماً وبالتالي ارتفع معدل “التشكيل”، وبالتالي لكانت اللائحة المضادة للتوافق وهي “قرار برجا” قد خرقت بمرشحين إضافيين، ما قد يساهم في سقوط 3 مرشحين للجماعة وهم بهجت سعد، عمر شبو ومحمود الشمعة.

تجميد “الماكينات الانتخابية”

المسألة هذه تداركتها الأحزاب فعلياً على أرض الواقع، ولهذا السبب كان هناك مسعى لـ”إبطاء العملية الانتخابية”، وهو ما انعكس على نسبة الاقتراع في برجا، إذ لم تكن تصاعدية كما يجب، ولم تكن مرتفعة بشكلٍ لافت. فحتى الساعة الـ4.30 من ظهر الأحد، لم تتجاوز النسبة الـ34% ما يفسر “تجميداً” لعمل “الماكينات الإنتخابية” التي لم تكن تحبذ ارتفاع نسبة الاقتراع كي لا يزداد الخرق. لهذا السبب، كانت عملية الاقتراع خجولة نوعاً ما بعد الظهر في مركزين أساسيين، وقد تبين أن الماكينات الإنتخابية أوقفت نشاطها لعدم رفع النسبة، وهو أمر لا يتحقق إلا إذا كانت هناك معركة سياسية، والمحور هذا مفقود من لائحتي “التوافق”و “قرار برجا”.

ولكن، ما الذي رفع نسبة الاقتراع إلى 50%؟ الجواب هنا يتمحور حول ناخبي “اللوائح المشكلة”، والتي جاءت عبر فئة “مستاءة” من الأحزاب. في الواقع، فإن هذه الفئة هي التي أفرزت واقعاً انتخابياً لافتاً أدى إلى حصول الخرق. وفعلياً، لو ظلت نسبة الاقتراع منخفضة، لكانت لائحة “التوافق” أتت بـ21 عضواً من أصل 21 بكل أريحية، ولكن ارتفاع نسبة الاقتراع تدريجياً والذي أذاب قوة “البلوكات الإنتخابية” الثابتة، ما ساهم بتغيير النتائج.

في خلاصة القول، ما يتضح من مشهديات شحيم، كترمايا وبرجا، هو أنَّ الجماعة الإسلامية تستطيع أن تؤثر انتخابياً بوزن انتخابي يصل إلى 5000 ناخب في إقليم الخروب استناداً للانتخابات الأخيرة، لكنها لا تستطيع الإتيان بنائب كما يقال، بل المساهمة بـ”صناعة نائب” بالشراكة و”التوافق” مع الأحزاب الأخرى، وليس أكثر..